استثمارات واعدة.. كيف تتحول مصر لـ مركز إقليمي للوجيستيات؟

أخر تحديث 2025/08/14 02:20:00 م
استثمارات واعدة.. كيف تتحول مصر لـ مركز إقليمي للوجيستيات؟

آراب فاينانس: تسعى مصر حاليًا لتطوير دورها اللوجيستي لتكون لاعبًا محوريًا في التجارة الدولية، وذلك في إطار خطة الدولة للتنمية المستدامة "رؤية مصر 2030″، من خلال تحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل واللوجستيات وتجارة الترانزيت.

ووضعت الحكومة، خطة لإنشاء سبعة ممرات لوجستية متكاملة، تهدف إلى ربط مناطق الإنتاج المختلفة (الصناعية والزراعية والتعدينية) بالموانئ البحرية، أو لربط الموانئ الواقعة على البحر الأحمر بنظيرتها على البحر المتوسط.

وحسب الموقع الرسمي لوزارة النقل فإن استراتيجية مصر لتطوير الموانئ 2030 تسعى لـ تحقيق التكامل بين الموانى المصرية من خلال وضع مخطط متكامل يتضمن خريطة استثمارية للموانئ المصرية فضلًا عن تحويل مصر إلى مركز عالمي للطاقة والتجارة واللوجستيات على المستوى الإقليمي والأفريقي والعالمي. فكيف سيتحقق ذلك، وما الفرص المتاحة أمام مصر للنمو بقطاع اللوجيستيات والموانئ في مصر؟

مصر لديها فرص عديدة لتوطين الأنشطة اللوجيستية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس

من جانبه قال الدكتور محمد على إبراهيم، أستاذ اقتصاديات النقل والعميد الأسبق والمؤسس لكلية النقل الدولي واللوجستيات، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن مصر بحكم المقومات التي تتمتع بها مؤهلة لتكون مركز لوجيستي عالمي، لافتًا إلى أن دولة سنغافورة على سبيل المثال تحصد 20 مليار دولار سنويًا من نشاط لوجيستي واحد، وهو نقل البضائع من سفينة لأخرى، بينما مصر لديها فرص للعديد من الأنشطة اللوجيستية حيث تمتلك مصر أهم ممر ملاحي في العالم، وهو قناة السويس حيث إن 30% من تجارة الحاويات يمر عبر قناة السويس فضلا عن 10% من البترول و8% من الغاز الطبيعي المسال يمروا أيضا من خلال القناة.

وحول تلك الفرص المتاحة أكد إبراهيم أن أبرز هذه الفرص أمام مصر في هذا القطاع تتمثل في تدشين مناطق لوجيستية لخدمة البضائع التي تمر عبر المنطقة الاقتصادية لقناة السويس مثل الخدمات التي تتعلق بإعادة التعبئة والتغليف والتخزين والمناولة. كما يمكن تقديم خدمات إصلاح وصيانة السفن وتزويد السفن بالوقود، وكذلك عمليات التمويل إضافة إلى نشاط فض المنازعات البحرية.

وأضاف مؤسس كلية النقل الدولي واللوجيستيات أن هناك الكثير من الصناعات التي يمكن توطينها بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس. كما يمكن استغلال التعريفات الجمركية الأمريكية التي فرضت من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على العديد من الشركات العالمية في عدة دول لجذب هذه الشركات للعمل في مصر ونقل أعمالها للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس مع تشجيع الشركات الأجنبية للعمل في مصر وتصدير منتجاتها للسوق الأمريكي والأفريقي والأوروبي استغلالًا للمركز التنافسي التي تتميز به مصر حيث تقل التعريفات الجمركية من مصر للولايات المتحدة الأمريكية. كما هناك اتفاقيات وتحالفات مع العديد من الدول الأفريقية يمكن استغلالها في هذا الشأن.

كما ينبغي وفق إبراهيم التعاون بين كل من هيئة قناة السويس والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس لتحقيق هدف جعل مصر مركز عالمي للوجيستيات.

الاستثمار في الموانئ يوفر الآلاف من فرص العمل

بينما قال الدكتور عبد الله أبو خضرة، أستاذ هندسة الطرق والنقل والمرور بكلية الهندسة بجامعة بني سويف، إن جهود مصر لتطوير موانئها هي بمثابة استثمار استراتيجي في اقتصادها وأمنها القومي و الاجتماعي؛ حيث إن توسيع الطاقة الاستيعابية وتحديث البنية التحتية يؤدي إلى زيادة التجارة البحرية، وجذب الاستثمارات، وخلق فرص العمل، وتعزيز النمو الاقتصادي، وبالإضافة إلى ذلك فإن للموانئ المصرية آثار جيوسياسية مهمة؛ إذ تضع مصر كلاعب رئيسي في حركة التجارة العالمية، وتزيد من معدل ربط الدولة المصرية بمحيطها الاقليمي والعالمي.

وأضاف أبو خضرة أن مصر ومن خلال الاستمرار في الاستثمار في تطوير الموانئ، تعمل على تأمين مستقبلها الاقتصادي وتعزيز مكانتها كمركز تجاري مهم في السنوات المقبلة حيث تمتلك مصر 55 ميناء بحري منهم 37 ميناء تخصصي و 18 ميناء تجاري منهم 11 ميناء على البحر الاحمر و 7 ميناء على البحر المتوسط  حيث تم تطوير هذه الموانئ وتحويل العديد منها الى موانئ محورية، ومن خلال التخطيط لإضافة أرصفة جديدة بإجمالي أطوال 67 كيلو متر مربع ليصل إجمالي أطوال الأرصفة في الموانئ البحرية إلى  100 كيلو متر مربع  وأعماق تتراوح من 18 إلى 22 مترا بالإضافة الى حواجز أمواج بأطوال تزيد عن 15 كيلو متر مربع وزيادة القدرة الاستيعابية الى 100 مليون متر مربع وتطبيق نظم الموانئ البيئية للتخلص من التلوث البيئي و تزويد الموانئ بمعدات الشحن و التفريغ الصديقة للبيئة، والتي تستطيع التعامل مع السفن العملاقة للقدرة على استقبال حجم تجارة يبلغ 400 مليون طن سنويا، و40 مليون حاوية مكافئة و10 مليون حاوية ترانزيت و30 الف سفينه عملاقة.

وأوضح أستاذ هندسة الطرق أنه على سبيل المثال فإن ميناء طابا البحري الجديد سوف يعمل على الربط بين البحر المتوسط (ميناء العريش) وخليج العقبة (ميناء طابا) وذلك سيعزز حركة التجارة والصناعة والتعدين في سيناء.

وأكد أبو خضرة أن رفع التصنيف البيئى الدولى للموانىء البحرية المصرية إلى موانىء خضراء يحقق الاستدامة البيئية فضلًا عن التوازن بين وسائل النقل المختلفة، مشددًا على ضروةر وضع اللوائح المنظمة لذلك، مع الاهتمام بالنقل متعدد الوسائط وخاصة الموانئ البحرية والسكة الحديد والنقل النهري و تدعيم الدور الحيوي للنقل البحري حيث أن الموانئ البحرية المصرية هى طوق النجاة للدولة من الناحية الاقتصادية، نظرًا لارتباطها بالتجارة الخارجية حيث إنها تهيمن على غالبية أنشطة نقل البضائع، بالإضافة الى تحقيق استراتيجية مضاعفة الصادرات المصرية وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة إذ تسهل الموانئ نقل البضائع ومستلزمات الإنتاج من وإلى المصانع وهو ما يعزز توطين الصناعة المصرية وزيادة الإنتاج المحلي بالإضافة إلى توفير آلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.

وشدد في ختام حديثه على ضرورة تحسين أداء موانئ الحاويات لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى خفض تكلفة التجارة، والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي، وتحسين القدرة على الصمود، فضلًا عن تقليل الانبعاثات غير الضرورية من السفن.

مساهمة قطاع اللوجيستيات في الناتج المحلي الإجمالي

وحسب تقرير رسمي حديث لوزارة الاستثمار والمناطق الحرة بعنوان "قطاع النقل واللوجيستيات.. مؤشرات وحوافز وفرص واعدة" حصل آراب فاينانس على نسخة منه فإن مساهمة قطاع النقل واللوجيستيات في الناتج المحلي الإجمالي بلغت في عام 2024 نحو 636.5 مليار جنيه إذ بلغت نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي 4.8% بينما بلغ معدل نمو القطاع 5.4% في حين يعمل في قطاع اللوجيستيات والنقل في مصر 2.7 مليون عامل بنسبة 9.3% من إجمالي المشتغلين.

وبلغ صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع النقل واللوجيستيات خلال الربع الثاني من العام المالي 2024 نحو 139.8 مليون دولار ارتفاعًا من 30.3 مليون دولار عن ذات الفترة من العام السابق له وفق ذات التقرير.

ووفق بيانات وزارة الاستثمار فإن طول السواحل المصرية يبلغ ثلاثة آلاف كيلو متر مربع بينما يبلغ عدد الموانئ البحرية 55 ميناء منهم 18 ميناء تجاري و37 ميناء تخصصي، وقد وصل عدد السفن المترددة على الموانئ المصرية "14409" سفينة حيث بلغت قيمة رسوم المرور من قناة السويس 6.6 مليار دولار.   

ويبلغ عدد الموانئ البرية المصرية 7 موانئ بينما بلغ عدد الموانئ الجافة 10 موانئ مع وجود 15 منطقة لوجيستية في حين تبلغ المساحة الكلية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس 455 كيلو متر مربع تشمل المناطق الصناعية بكل من العين السخنة والقنطرة غرب وشرق الإسماعيلية وشرق بور سعيد.

يذكر أن الحكومة تبنت خطة لتحويل مصر لمركز عالمي للوجيستيات والتجارة حيث يستهدف برنامج الحكومة الصادر في يوليو 2024 تنفيذ مجموعة إجراءات أبرزها استكمال خطط إنشاء مراكز لوجيستية دولية بجوار الموانئ البحرية لتيسير الحركة الدولية للبضائع مع تأسيس مجلس أعلى للوجيستيات وجهاز لتنظيم الخدمات اللوجيستية فضلًا عن استكمال مخطط تنفيذ إنشاء 31 ميناء جاف ومنطقة لوجيستية على مستوى الجمهورية، مع تطوير أسطول النقل البحري المصري إلى 31 سفينة عام 2027 وتطوير الأسطور البحري ليكون قادرًا على نقل 20 مليون طن من البضائع وكذلك زيادة إجمالي السفن العابرة لقناة السويس إلى نحو 26 ألف سفينة عام 2027 بإيرادات متوقعة تبلغ نحو 10.5 مليار دولار.

 

اخبار مشابهة