الكوميسا: تدفقات الاستثمار الأجنبي تقفز لـ 154% مدفوعة بمشروع رأس الحكمة

أخر تحديث 2025/12/04 02:19:00 م
الكوميسا: تدفقات الاستثمار الأجنبي تقفز لـ 154% مدفوعة بمشروع رأس الحكمة

آراب فاينانس: أطلقت دول تجمع السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي «الكوميسا» التقرير السنوي COMESA Investment Report 2025، الذي يهدف إلى تعزيز فهم تطورات الاستثمار الأجنبي المباشر داخل الإقليم، من خلال تحليل شامل مدعوم ببيانات محدثة وتوصيات استراتيجية تتماشى مع الخطة متوسطة المدى 2026–2030.

وصدر التقرير، الذي جرى إعداده بالتعاون مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) ووكالة الاستثمار الإقليمية للكوميسا (COMESA RIA)، على هامش الاجتماع السنوي للمجلس الوزاري لدول التجمع المنعقد في زامبيا، بمشاركة 18 دولة وعدد من المؤسسات الدولية والإقليمية، من بينها البنك الدولي والاتحاد الأوروبي ومفوضية الاتحاد الأفريقي.

وكشف التقرير، عن قفزة كبيرة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دول الكوميسا خلال 2024، إذ ارتفعت التدفقات بنسبة 154% لتصل إلى 65 مليار دولار، مدفوعة بشكل رئيسي بمشروع «رأس الحكمة» في مصر. وبيّن التقرير أنه حتى عند استثناء المشروع فقد سجلت التدفقات نموًا نسبته 16%، مما يعكس تحسّن ثقة المستثمرين في اقتصادات الإقليم.

وارتفعت حصة الكوميسا من الاستثمار العالمي من 2% إلى 4%، ومن تدفقات الدول النامية من 3% إلى 7%، ممثلة بذلك 67% من إجمالي تدفقات إفريقيا، مع احتفاظ المستثمرين الأوروبيين والأمريكيين بالصدارة، تتقدمهم هولندا والولايات المتحدة.

وأشار التقرير، إلى زيادة كبيرة في تمويل المشروعات الدولية (IPF)، إذ تضاعفت قيمته تقريبًا ليصل إلى 79 مليار دولار بنمو 93%، مشكّلًا أربعة أخماس قيمة المشروعات الممولة في إفريقيا. وجاء هذا النمو مدفوعًا بتوسع ملحوظ في مشروعات الطاقة المتجددة وشبكات الكهرباء ومشروعات البنية التحتية الكبرى في مصر وتونس ورواندا ومالاوي.

وفي الوقت نفسه، حافظت استثمارات مشروعات Greenfield على مكانتها، مع الإعلان عن مشروعات بقيمة 77 مليار دولار خلال 2024، وهو ثاني أعلى مستوى في تاريخ التجمع. واستحوذت دول الكوميسا على ثلثي إجمالي قيمة مشروعات الـGreenfield في إفريقيا، لترسخ مكانتها كوجهة رئيسية للاستثمارات الجديدة.

ورغم هذا النمو الديناميكي، لفت التقرير إلى استمرار التركز الشديد في تدفقات الاستثمار، حيث استحوذت خمس دول فقط، هي مصر وإثيوبيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية وكينيا—على 90% من إجمالي التدفقات الوافدة. كما ظل الاستثمار البيني داخل الكوميسا محدودًا، دون أن يتجاوز 3% من عدد مشروعات الـGreenfield و6% من قيمتها، بما يقلّص قدرة التجمع على تحقيق منافع تنموية متوازنة ما لم تتوسع قاعدة الدول المستفيدة.

وأظهرت البيانات، تباينًا واضحًا بين القطاعات؛ إذ سجل قطاع البناء نموًا ضخمًا بلغ خمسة أضعاف بدعم من توسعات كبيرة في مصر، بينما صعدت استثمارات المعادن الأساسية بنسبة 71%.

واحتفظ قطاع الطاقة والغاز بموقعه كأكبر القطاعات من حيث حجم الاستثمارات بعد نمو 22%. في المقابل، تراجع قطاع الاستخراج بنسبة 61% بعد عامين من الأداء القوي، كما انخفض الاستثمار في التكنولوجيا والاتصالات بنسبة 55% عقب ذروة تاريخية في 2023.

وفي ما يتعلق بالاستثمارات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة (SDGs)، رصد التقرير اتجاهات متباينة؛ إذ حققت الطاقة المتجددة نموًا قويًا بنسبة 67%، وارتفعت استثمارات الصحة والتعليم بنسبة 130% رغم انطلاقها من قاعدة صغيرة.

وعلى النقيض، تراجع الاستثمار في نظم الأغذية بنسبة 34% تحت تأثير الضغوط العالمية، وانخفضت استثمارات المياه والصرف الصحي بنسبة 76%، كما سجلت البنية الأساسية تراجعًا بنسبة 54% رغم ارتفاع التمويل الدولي لمشروعات النقل.

وحدد التقرير خمس أولويات لضمان استدامة النمو الاستثماري داخل الكوميسا وهي توسيع قاعدة الدول المستفيدة، ودعم التصنيع وتعزيز القيمة المضافة، وتسريع تطوير البنية الرقمية لسد فجوة الاستثمار في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتعزيز تنمية رأس المال البشري عبر أدوات تمويل مبتكرة، وتحسين جودة البيانات لدعم اتخاذ قرارات أكثر دقة.

وأكد السفير محمد قدح، الأمين العام المساعد للبرامج، أن النتائج تعكس ثقة عالمية متزايدة في اقتصادات التجمع، وأن الارتفاع القياسي في التدفقات يعزز مكانة الكوميسا كوجهة استثمارية رائدة في إفريقيا.

من جانبه، قال ريتشارد بولوين، مدير فرع أبحاث الاستثمار في UNCTAD، إن التقرير يكشف عامًا استثنائيًا شهدت فيه الكوميسا نموًا قياسيًا رغم التباطؤ العالمي، مؤكدًا أن أمام المنطقة فرصة محورية لتعزيز مرونتها من خلال توسيع قاعدة المستثمرين، وتطوير البنية الرقمية، وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتعميق التكامل الإقليمي.

أما هبة سلامة، الرئيس التنفيذي لوكالة الاستثمار الإقليمية، فأكدت أن التقرير يمثل أداة استراتيجية لتعزيز تنافسية الإقليم، إذ يوفر رؤى عملية تساعد الدول الأعضاء على جذب استثمارات مستدامة أعلى جودة، مع التزام الوكالة بترجمة التوصيات إلى إصلاحات ملموسة.

 

اخبار مشابهة