محمد عبد الجواد: ضخ استثمارات أجنبية بالسوق المصري مؤشر لـ انتعاش مرتقب بالقطاع العقاري

أخر تحديث 2025/06/30 12:32:00 م
محمد عبد الجواد: ضخ استثمارات أجنبية بالسوق المصري مؤشر لـ انتعاش مرتقب بالقطاع العقاري

آراب فاينانس: قال الدكتور محمد عبد الجواد، الرئيس التنفيذي لـ شركة فانتدج للتنمية العمرانية، إن أسعار الفائدة من أبرز التحديات التي تواجه السوق العقاري في مصر، بل وفي مختلف القطاعات الاقتصادية. وهو عامل مؤثر للغاية في تكلفة المنتج العقاري وفي قرار الاستثمار مشيرًا إلى أن كل خفض في سعر الفائدة ينعكس إيجابيًا على القطاع، حيث يساهم في تقليل تكلفة تنفيذ الوحدات العقارية، وبالتالي تصبح الأسعار أكثر قربًا من قدرات شريحة أوسع من العملاء.

وأضاف عبد الجواد، في مقابلة حصرية لـ آراب فاينانس أن أي تحرك جوهري في أسعار الطاقة، سواء بالارتفاع أو الانخفاض، سينعكس بشكل مباشر على تكلفة الإنتاج، بما في ذلك مواد البناء والإنشاء. وبالتالي، فإن السوق العقاري قد يتأثر لاحقًا بارتفاع في تكاليف التنفيذ، مما قد يؤدي إلى زيادة في أسعار البيع النهائية. في ضوء هذه الضبابية، منوهًا بأن الحذر والمرونة في إدارة التكاليف، إلى جانب متابعة دقيقة للأسواق العالمية، هي من أهم أدوات الحفاظ على استقرار السوق المحلي في الفترة القادمة. وإلى نص الحوار:

مع خفض سعر الفائدة كيف ترى مستقبل السوق العقاري في مصر؟

يُعد موضوع أسعار الفائدة من أبرز التحديات التي تواجه السوق العقاري في مصر، بل وفي مختلف القطاعات الاقتصادية. وهو عامل مؤثر للغاية في تكلفة المنتج العقاري وفي قرار الاستثمار. كل خفض في سعر الفائدة ينعكس إيجابيًا على القطاع، حيث يساهم في تقليل تكلفة تنفيذ الوحدات العقارية، وبالتالي تصبح الأسعار أكثر قربًا من قدرات شريحة أوسع من العملاء. كما أن تراجع الفائدة يشجع على ضخ استثمارات جديدة في السوق، نظرًا لأن العائد من الإيداع البنكي لم يعد بنفس الجاذبية مقارنة بالعقار كأداة استثمارية آمنة ومربحة على المدى المتوسط والطويل.

عندما كانت الفائدة تصل إلى مستويات مرتفعة مثل 25% أو 30%، كان من الصعب أن يجد المستثمر عائدًا ينافس تلك النسب، لذا كانت البنوك تمثّل خيارًا مفضلًا لدى كثيرين. أما الآن، ومع انخفاض الفائدة، يتجه عدد أكبر من المستثمرين نحو العقار باعتباره ملاذًا آمنًا وعائدًا مستقرًا.

كذلك، يؤثر خفض الفائدة على منظومة السداد، حيث يمكن تقديم أنظمة تقسيط أكثر مرونة دون الحاجة لرفع الأسعار، مما يتيح للعملاء الحصول على وحدات بمقدمات وفترات سداد تتناسب مع قدراتهم المالية، ويعزز بالتالي من حركة الطلب داخل السوق.

لقد طرحت رؤية لهيكلة منظومة التمويل العقاري. ما تفاصيل هذه الرؤية؟ ولماذا ترى أنها الأفضل في الوضع الراهن؟

في عام 2024، حقق السوق العقاري المصري مبيعات قياسية تجاوزت حاجز التريليوني جنيه، وهو رقم كبير يعكس حجم النشاط. ولكن هذه القفزة خلقت في الوقت نفسه تحديًا أمام الشركات في عام 2025، إذ أصبح الحفاظ على هذا المستوى من المبيعات مهمة صعبة. ومن أجل جذب العملاء، بدأ المطورون في طرح مشروعات بأنظمة سداد تمتد من 12 إلى 15 سنة، يتحمّلون هم أنفسهم عبء تمويلها خلال هذه المدة.

لكن عندما ننظر إلى هذه المنظومة من زاوية أوسع، نجد أن متوسط فترات تسليم الوحدات يصل إلى خمس أو ست سنوات، وأن قطاع العقارات يسهم بنحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي. إلا أن هذه النسبة لا تأتي من المبيعات فقط، بل من التنفيذ الفعلي للمشروعات، وهو ما يعني أن تسريع وتيرة التنفيذ يمثل عنصرًا أساسيًا في دفع الاقتصاد ككل.

وفي ظل اعتماد المطور على موارده الذاتية لتمويل التنفيذ، يصبح من الضروري إعادة النظر في منظومة التمويل، بحيث يتم توفير أدوات تمويل فعالة للمشروعات قيد التنفيذ. في الحقيقة، كانت مصر تمتلك قبل عام 2008 آلية قائمة لتمويل هذه المشروعات من خلال البنوك. إلا أن هذه الآلية توقفت مع اندلاع الأزمة المالية العالمية، نتيجة تخوّف القطاع المصرفي من تأثيرات أزمة الرهن العقاري العالمية. وبرأيي، فإن مرور 17 عامًا كافية لتجاوز هذا التخوّف، لا سيما إذا جرى دعم العودة إلى تمويل المشروعات تحت التنفيذ بتشريعات ضامنة ومحكمة. ولهذا، أقترح استحداث آلية واضحة بشروط موضوعية لتحديد المشاريع المؤهّلة للحصول على هذا النوع من التمويل.

هذه الشروط يمكن أن تستند إلى ثلاثة محاور رئيسية: الأرض، والإنشاءات، والمبيعات. فعلى سبيل المثال، إذا كان المطور قد اشترى الأرض بالفعل، يمكن تحديد نسبة تمويل بناءً على قيمة الأرض المدفوعة، بحيث لا تقل عن 25% أو 30%. أما بالنسبة للإنشاءات، فيُفضّل أن تكون هناك نسبة تنفيذ لا تقل عن 25% من المرحلة الجاري تمويلها. وبالنسبة للمبيعات، يجب أن يكون هناك حجم مبيعات متحقق لا يقل عن 30% إلى 40% من المرحلة نفسها. بهذا الشكل، نكون قد قدّمنا نموذجًا متوازنًا يراعي مصالح البنوك ويعالج مخاوفها، وفي الوقت نفسه يوفّر سيولة حقيقية للمطورين تتيح تسريع معدلات التنفيذ، وهو ما ينعكس إيجابًا على السوق وعلى الاقتصاد ككل.  

أرى أن توفر العناصر الثلاثة التي أشرتُ إليها الأرض، والإنشاءات، ونسب المبيعات حتى وإن لم تكن محددة بأرقام دقيقة، يظل كفيلًا بمنح المشروع مصداقية، ويبعث برسالة طمأنة واضحة إلى القطاع المصرفي. هذه الرسالة مفادها أن المشروع يستوفي معايير السلامة المالية، ويمكن للبنك تمويله بأريحية، مع ضمان استرداد حقوقه وفق آليات واضحة، تُمكّن المطور العقاري من سداد الالتزامات الناتجة عن التمويل.

إلى جانب ذلك، أعتقد أن من المهم أيضًا تفعيل مسار آخر موازٍ، وهو تمويل العملاء مباشرةً. غير أن هذا المسار لا يخلو من التحديات، وعلى رأسها مسألة "إثبات الدخل"، والتي لا تزال تشكّل عائقًا أمام شريحة واسعة من الراغبين في الشراء. فاليوم، يبلغ متوسط العبء الائتماني المقبول لدى البنوك ما بين 35 إلى 40% من دخل الفرد، وهو ما يصعّب على كثير من المواطنين إثبات دخلهم الفعلي بهذه النسبة.

والسبب أن الدخل في الواقع لا يقتصر على الراتب الوظيفي فقط، بل قد يكون لدى المشتري مصادر دخل أخرى لا تظهر في المستندات التقليدية، مثل إيرادات من عقارات مؤجرة، أرباح تجارية، أو عوائد من أصول وممتلكات مختلفة. وهذه الجوانب يصعب حصرها في نماذج الدخل الرسمية المعتمدة حاليًا.

نحن كمطورين عقاريين ندرك جيدًا أن العميل، رغم تنوع مصادر دخله، يتمكّن فعليًا من الوفاء بأقساط وحدته العقارية. لذا، أرى أنه بات من الضروري إعادة النظر في مفهوم إثبات الدخل، بحيث تتبنى الجهات التمويلية آليات تقييم مرنة وشاملة تواكب طبيعة السوق المصري. هذا التوجه من شأنه أن يسهّل على العملاء الحصول على التمويل، سواء لشراء وحدة جاهزة بالكامل، أو حتى وحدة قيد التنفيذ ضمن مشروع جارٍ تطويره.

مع شدة التوترات والحرب الإسرائيلية الإيرانية بمنطقتنا كيف ترى المخاطر التي تهدد السوق العقاري في مصر؟

منذ جائحة كورونا، يشهد العالم سلسلة من الأزمات المتتالية، سواء كانت صحية أو اقتصادية أو جيوسياسية. فكلما تجاوزنا أزمة، برزت أخرى — من تعطل سلاسل الإمداد العالمية، إلى الحرب في غزة، وصولًا إلى التوترات المتصاعدة مؤخرًا بين إسرائيل وإيران.

بطبيعة الحال، هذه التطورات تلقي بظلالها على الأسواق كافة، بما في ذلك السوق العقاري في مصر. وفي الأيام الثلاثة الأخيرة فقط، تابعنا باهتمام توقعات الأسواق العالمية بشأن تطور الصراع الإسرائيلي الإيراني، حيث كانت معظم التقديرات تشير إلى أن أسعار النفط ستشهد ارتفاعًا كبيرًا نتيجة المخاوف من إغلاق مضيق هرمز، وتهديد تدفقات الطاقة. لكن ما حدث فعليًا كان على عكس ذلك تمامًا، إذ انخفضت أسعار النفط بأكثر من 10% في ظرف أيام قليلة. هذا التباين بين التوقعات والواقع يعكس مدى صعوبة التنبؤ بتأثير الأزمات الجيوسياسية على المدى القصير، فالمتغيرات تسير بوتيرة أسرع من قدرتنا على التحليل اللحظي. السؤال المطروح الآن: هل سيستمر هذا الانخفاض في أسعار النفط؟ أم سنشهد موجة صعود مفاجئة نتيجة أي تصعيد جديد؟

ما يمكن تأكيده هو أن أي تحرك جوهري في أسعار الطاقة، سواء بالارتفاع أو الانخفاض، سينعكس بشكل مباشر على تكلفة الإنتاج، بما في ذلك مواد البناء والإنشاء. وبالتالي، فإن السوق العقاري قد يتأثر لاحقًا بارتفاع في تكاليف التنفيذ، مما قد يؤدي إلى زيادة في أسعار البيع النهائية. في ضوء هذه الضبابية، أعتقد أن الحذر والمرونة في إدارة التكاليف، إلى جانب متابعة دقيقة للأسواق العالمية، هي من أهم أدوات الحفاظ على استقرار السوق المحلي في الفترة القادمة.

ما هى نصيحتك للراغبين في الاستثمار في القطاع العقاري وما هو أفضل توقيت من وجهة نظرك للاستثمار وفق المتغيرات الحالية؟

نصيحتي للراغبين في الاستثمار في القطاع العقاري تنقسم إلى عدة نقاط أساسية. أولًا، عند شراء وحدة سكنية، سواء كان الهدف منها السكن أو الاستثمار عبر إعادة البيع أو التأجير، من الأفضل اختيار وحدة كاملة التشطيب. ذلك لأن تكلفة التشطيب، بعد سنوات من السداد، قد تشكل نسبة كبيرة من إجمالي القيمة  تصل أحيانًا إلى أكثر من 50%. فعلى سبيل المثال، إذا كانت مدة الأقساط تمتد إلى أربع أو خمس سنوات، وفي ظل نمو سنوي للقيمة السوقية بنحو 20% كحد أدنى، فإن تكلفة التشطيب ستصبح عبئًا كبيرًا على المستثمر أو المشتري.

ثانيًا، إذا كان الغرض من الشراء استثماريًا بحتًا، فأنصحه بالتركيز على المواقع ذات الطلب المرتفع والمستمر. فاختيار الموقع المناسب هو ما يضمن له السيولة وسهولة إعادة البيع لاحقًا متى قرر الخروج من الاستثمار.

أما عن توقيت الدخول إلى السوق، فأنا أؤمن بأن كل وقت هو وقت مناسب للاستثمار، بشرط أن يكون المنتج العقاري نفسه منتجًا سليمًا ومدروسًا بعناية. فإذا بذل المستثمر الجهد اللازم لتحليل الخيارات المتاحة واختيار منتج يتماشى مع أهدافه ويحقق له عائدًا حقيقيًا، فإن التوقيت يصبح ملائمًا بطبيعته، بغض النظر عن الظروف الاقتصادية العامة.

البعض تحدث عن ما يسمى الفقاعة العقارية وتوقعاتهم بحدوثها في مصر.. ما رأيك في ذلك ومدى إمكانية تحقق ذلك من عدمه؟

يُثار بين الحين والآخر الحديث عن ما يُسمى بـ"الفقاعة العقارية" في السوق المصري، وغالبًا ما يصدر هذا التوصيف من منظور استثماري بحت، دون الرجوع إلى أسس التقييم العقاري الموضوعي. صحيح أن البعض يرى أن أسعار العقارات قد ارتفعت بشكل كبير، وأن معدلات الفائدة أيضًا في مستويات مرتفعة، ما قد يثير القلق بشأن قدرة بعض المشترين على الاستمرار في السداد، لكن هذا التحليل يغفل طبيعة السوق المحلي وخصائصه الأساسية. عند النظر إلى من اشتروا وحدات عقارية خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، نجد أن قيمة هذه الأصول قد تضاعفت بنسب قد تصل إلى 300 أو 400%. وبالتالي، من غير المنطقي أن يفكر مالك مثل هذا الأصل في بيعه بأي ثمن لمجرد صعوبة السداد، لأنه ببساطة يمتلك أصلًا يحقق له عائدًا مرتفعًا ويمكنه إعادة بيعه بسهولة وربح.

علاوة على ذلك، فإن التجارب الدولية التي شهدت فقاعات عقارية، ثم انهيارات لاحقة، كانت مرتبطة بأنماط تمويل مفرطة تعتمد على نسب اقتراض مرتفعة للغاية مقارنة بقيمة الأصل، مع أسواق شديدة الحساسية لتقلبات أسعار الفائدة. وهذا النموذج لا ينطبق على السوق المصري، حتى في ظل التوجه نحو تنشيط آليات التمويل العقاري، لأن طبيعة السوق هنا ما تزال قائمة على نسب تمويل متحفظة، ولا تزال آليات الإقراض تحت رقابة حذرة.

أما الحديث عن الوحدات المغلقة، فهو يندرج ضمن تصورات حول العرض والطلب، لكن لا يعني بالضرورة أن هناك "فقاعة". فثقافة تملك العقار في مصر متجذرة عبر كل الفئات، وليس فقط لدى الطبقات العليا. فالمصري بطبيعته يرى في العقار ملاذًا آمنًا لحفظ قيمة أمواله، سواء كان ذلك في صورة شقة، قطعة أرض، أو حتى عقار تحت الإنشاء.

كما أن العقار لا يزال يُعد أداة استثمارية قوية، حيث يمكن للمشتري امتلاك أصل كبير بدفعة مقدمة قد لا تتجاوز 10% من قيمته، مع توزيع الأقساط على فترات سداد طويلة. وهذا يعزز قدرة الأفراد على بناء أصول استثمارية حقيقية دون ضغوط تمويلية مبالغ فيها.

نحن نواجه زيادة سكانية كبيرة في مصر، وهذه ليست مسألة تقديرية. فبين عامي 2010 و2025، زاد عدد السكان بأكثر من 20 إلى 25 مليون نسمة، وهو رقم يعادل تعداد بعض الدول بأكملها. هذه الزيادة الطبيعية في عدد السكان تضمن استمرار الطلب الحقيقي على العقار، وهو ما يجعل فكرة "انهيار السوق العقاري" بعيدة عن الواقع.

في رأيي، كثير من من يروّجون لفكرة "الفقاعة العقارية" يبنون تقييمهم من زاوية مالية استثمارية ضيقة، وليست من منظور عقاري موضوعي وشامل. القطاع العقاري ليس سهمًا في البورصة، لا يتأثر برغبة الشراء أو البيع الفوري بنفس الطريقة. العقار في مصر لم يشهد عبر السنوات الماضية موجات انهيار حقيقية أو هبوطًا جماعيًا في الأسعار، بل على العكس، الأسعار كانت في ارتفاع مستمر، حتى وإن شهدت بعض المناطق أو المشاريع حالات فردية من التباطؤ المؤقت.

الواقع يقول إنه على مدار السنوات العشر الأخيرة، لم نرَ مشاريع كبيرة تضم آلاف الوحدات تختفي من السوق أو تتعثر بشكل واسع. السوق المصري منظّم وله قواعد راسخة تحكم حركة العرض والطلب، ويمتاز بتوازن طبيعي يحميه من الصدمات. حتى في الفترات التي شهد فيها السوق ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار، قد يحدث بطء مؤقت في المبيعات، لكنه لا يعني تراجعًا هيكليًا، بل مجرد تصحيح مؤقت يتماشى مع قدرات الشراء لدى المواطنين.

ومع مرور الوقت، ترتفع دخول الأفراد تدريجيًا، فتواكب مستويات الأسعار الجديدة ويعود الطلب للنمو من جديد. إلى جانب ذلك، بدأ السوق يشهد إدخال آليات تمويل مبتكرة تساهم في تعزيز الاستقرار وتوسيع قاعدة العملاء، مثل نظم البيع التشاركي أو الملكية الجزئية، وهي أدوات تساعد في الحفاظ على ديناميكية السوق وتمنع التركز أو الاحتكار في شريحة معينة من المشترين.

ما هي المناطق التي ترى أنها واعدة للاستثمار العقاري في مصر حاليا؟

في الحقيقة، أرى أن جميع المناطق تُعد واعدة لأن كل منطقة تستهدف شريحة معينة من العملاء. فعلى سبيل المثال، إذا تحدثنا عن الساحل الشمالي، سنجد أن دخول مستثمرين جدد إليه جعله من المناطق المهمة جدًا للاستثمار خلال الفترة الأخيرة.

أما في شرق القاهرة، فقد أصبحت القاهرة الجديدة شبه مكتملة، واليوم مع استمرار حركة التنمية في الشرق، أصبحت العاصمة الإدارية الجديدة هي الامتداد الطبيعي والمستقبل الواعد للمنطقة. وبالنسبة إلى غرب القاهرة، نجد أن منطقتي الشيخ زايد و6 أكتوبر قد شهدتا تطورًا كبيرًا واكتمل عمرانهما تقريبًا، مما يدفع الآن إلى التوسع في مناطق مثل زايد الجديدة ومدينة سفنكس.

من وجهة نظري، جميع هذه الأسواق تشهد معدلات نمو مرتفعة، ونحن كشركة نراقب هذه التحركات عن قرب. لدينا بالفعل مشروعات قائمة في شرق القاهرة، ونتطلع للتوسع في هذه المنطقة بمزيد من المشروعات في الفترة المقبلة. كما أننا نعمل حاليًا على الخروج من النطاق التقليدي للتوسع والاتجاه إلى المحافظات، لأننا نرى أن هناك حاجة حقيقية إلى التنمية العقارية بها، ولكن بأسلوب يوازي ما نراه في القاهرة الجديدة أو العاصمة الإدارية.

لذا، نعتبر المحافظات من المناطق الواعدة للغاية، ويوجد بها طلب قوي وغير مستغل بالشكل الكافي حتى الآن. ويمكن القول إن هذا التوجه يمثل جزءًا من رؤية شركة فانتدج، التي تعتزم التوسع في إحدى المحافظات بمشروع جديد.

ما رأيك في تأثير الاستثمارات الخليجية الموجهة لسوق المصري، والتي اعلن على انها ستوجه لمصر خلال الفترة المقبلة، وتأثير ذلك على نشاط السوق العقاري في مصر؟

اليوم، عندما ننظر إلى السوق العقاري المصري، وخاصة عند إعلان أرقام المبيعات خلال العام الماضي والسنوات السابقة، من المهم أن ندرك أن أكثر من 90% من تلك المبيعات كانت موجهة للمصريين. ولا يمكن لأي سوق أن يواصل النمو الحقيقي ما لم يشهد دخول عملاء جدد.

من هذا المنطلق، فإن دخول استثمارات خارجية — سواء كانت خليجية أو غيرها — إلى السوق المصري، يسهم في ضخ رؤوس أموال جديدة، ويوفر فرص عمل، ويدفع نحو تنفيذ مشروعات جديدة. وكلما زادت وتيرة هذه الاستثمارات، انعكس ذلك على انتعاش الاقتصاد المحلي، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة شهرة السوق المصري خارجيًا، وبالتالي جذب مزيد من العملاء والمستثمرين.

صفقة رأس الحكمة تمثل مثالًا واضحًا؛ فقد فتحت الباب أمام شركات ودول أخرى للتفاوض مع مصر حول مشروعات مشابهة، سواء بالحجم نفسه أو بأحجام متفاوتة. وعندما تبدأ الشركات الأجنبية العمل في السوق المصري، فهي لا تستهدف فقط العميل المحلي، بل تسعى أيضًا إلى جذب شريحة العملاء الذين اعتادت التعامل معهم في أسواقها الأصلية، وهو ما يمثل إضافة نوعية للسوق. لذلك، لا شك أن هذه الاستثمارات ستسهم بشكل كبير في نمو القطاع العقاري، فضلًا عن دعم الاقتصاد المصري بوجه عام.

ما هي توقعاتك للسوق العقاري خلال الفترة المقبلة؟

طبيعة الحال، عندما نلاحظ دخول شركات خارجية وأجنبية إلى السوق المصري، فإن ذلك يُعد مؤشرًا واضحًا على انتعاش مرتقب للسوق العقاري. كذلك، مع بدء الحديث الجاد عن آليات تمويلية جديدة، فإننا أمام فرص حقيقية لإعادة تحفيز السوق ورفع معدلات النمو.

كما أن طرح مفاهيم مثل الملكية التشاركية أو الملكية الجزئية من شأنه أن يفتح الباب أمام شريحة جديدة من العملاء لم تكن حاضرة سابقًا في السوق، مما يُسهم في استمرارية النمو. وإلى جانب ذلك، فإن دخول منتجات جديدة كـالشقق الفندقية يعزز من تنوع الخيارات العقارية المتاحة، خاصة وأن هناك طلبًا حقيقيًا ومتزايدًا عليها.

بالتالي، فإن جميع هذه التطورات، سواء من حيث تنوع المنتجات أو الأدوات التمويلية، تُعد عوامل مساعدة مباشرة على تحقيق معدلات نمو مرتفعة في السوق العقاري المصري خلال الفترة القادمة.

البعض يرى أن أسعار العقارات في مصر مبالغ فيه مقارنة بأسواق عقارية أخرى.. ما رأيك في ذلك؟

في الحقيقة، أرى أن هذه المقارنة ليست دقيقة، لأن أسس المقارنة نفسها غير سليمة. كثيرًا ما نقارن بين أسعار الوحدات في مصر، مثلًا في الساحل الشمالي، بأسعار وحدات في بعض السواحل الأوروبية، لكننا نهمل الفروق الجوهرية في أنظمة السداد وآليات التمويل.

 فالوحدة العقارية في مصر غالبًا ما تُطرح بنظام تقسيط يمتد لعشر أو اثني عشر سنة، بينما الوحدة في السوق الأوروبي أو الخليجي تُباع في أغلب الأحيان نقدًا (كاش)، ما يجعل حجم الاستثمار المطلوب مختلفًا تمامًا. ولو افترضنا أننا سنمول الوحدة الأوروبية أو الخليجية بنفس طريقة السداد في مصر، لوجدنا أن تكلفتها النهائية قد تصل إلى ضعف تكلفة الوحدة المصرية.

إضافة إلى ذلك، هناك عامل مهم جدًا في المقارنة، وهو العائد الاستثماري. فمثلًا، إذا قارنا الساحل الشمالي في مصر ببعض المدن الخليجية أو الأوروبية، سنجد أن العائد على الاستثمار هناك يتراوح بين 6% و8%، بينما في مصر، حتى في مناطق موسمية يعمل فيها السوق شهرين أو ثلاثة فقط، قد يصل العائد إلى 12% أو 14% .

لذا، إذا أردنا مقارنة عادلة، فعلينا النظر إلى عناصر مثل طريقة السداد، تكلفة التمويل، والعائد المتوقع، لا مجرد مقارنة سعر بسعر. وعندها سنكتشف أن المنتج العقاري المصري ليس فقط أرخص نسبيًا، بل وأكثر جاذبية من الناحية الاستثمارية.

أخيرًا مع ارتفاع التضخم عالميا وزيادة أسعار مواد البناء. كيف ترى هذا النوع من التحدي تجاه السوق العقاري وكيف يتم مواجهته؟

بطبيعة الحال، يشكل التضخم وارتفاع أسعار مواد البناء تحديًا عالميًا، لكن في مصر الأمر يتضاعف بسبب عوامل اقتصادية داخلية خاصة. وهذا التحدي لا يواجه السوق العقاري فقط، بل يمتد إلى مختلف القطاعات الاقتصادية.

أما على مستوى السوق العقاري، فإن أحد الحلول الفعالة لمواجهة هذا التحدي هو تسريع وتيرة الإنشاءات من خلال توفير آليات تمويل مناسبة. فبدلًا من أن يعمل المطور العقاري على مشروع يمتد تنفيذه لخمسة أو ستة أعوام بسبب الاعتماد على التدفقات النقدية من الأقساط، يمكنه أن يُنهي المشروع خلال سنة إلى ثلاث سنوات إذا توفر التمويل اللازم.

هذا التوجه يمكن المطور من مواجهة أثر التضخم على مدى زمني أقصر، ما يُقلل من حجم التحدي الناتج عن ارتفاع الأسعار، ويُعزز قدرة السوق على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية. فالتمويل الجيد لا يساهم فقط في تسريع التنفيذ، بل يقلل أيضًا من المخاطر الناتجة عن تقلبات الأسعار والتكاليف.

 

 

أخبار متعلقة