تجاوزت 32 مليار دولار في 10 أشهر.. لماذا زادت تحويلات المصريين بالخارج؟

أخر تحديث 2025/07/31 12:46:00 م
تجاوزت 32 مليار دولار في 10 أشهر.. لماذا زادت تحويلات المصريين بالخارج؟

آراب فاينانس: تُعد تحويلات المصريين العاملين بالخارج من أكثر مصادر النقد الأجنبي استقرارًا، وقد أسهمت في تمويل عجز الميزان التجاري، ودعم الاحتياطي النقدي، والحد من الضغوط التضخمية الناجمة عن ارتفاع أسعار الطاقة والسلع عالميًا.

وتأتي مصر ضمن قائمة الدول الأعلى تحصيلاً لتحويلات المغتربين على مستوى العالم، بحسب البنك الدولي حيث تشير تقديراته أن عدد المصريين العاملين بالخارج يصل إلى نحو 14 مليون شخص، يعمل معظمهم في دول الخليج العربي.

وكان صندوق النقد الدولي قد توقع وصول تحويلات المصريين بالخارج إلى 42 مليار دولار بحلول العام 2028/2027. 

ووفق بيانات البنك المركزي المصري حققت تحويلات المصريين العاملين بالخارج طفرة كبيرة خلال الفترة من يوليو إلى مايو من العام المالي 2025/2024، حيث ارتفعت بنسبة 69.6% لتسجل نحو 32.8 مليار دولار، مقابل 19.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق.

كما أظهرت البيانات ارتفاع التحويلات بنسبة 59% خلال الفترة من يناير إلى مايو 2025 على أساس سنوي لتصل إلى نحو 15.8 مليار دولار، مقارنة بـ 9.9 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.

وعلى المستوى الشهري، سجلت تحويلات شهر مايو 2025 ارتفاعًا غير مسبوق بنسبة 24.2% على أساس سنوي لتصل إلى 3.4 مليار دولار، مقابل 2.7 مليار دولار في مايو من العام السابق، وهي تدفقات تاريخية لم تشهدها تحويلات المصريين في هذا الشهر من قبل.

عودة تحويلات المصريين في الخارج للقطاع المصرفي

من جانبها أرجعت الدكتورة عالية المهدي، أستاذة الاقتصاد والعميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس أسباب زيادة تحويلات المصريين في الخارج هذا العام إلى سياسة سعر الصرف المرن المتبعة حاليًا والتي سمحت بتوافر الدولار بسعره الحقيقي أمام الجنيه المصري حيث كان سعر الدولار مقابل الجنيه قبل اتخاذ قرار التعويم في مارس 2024 غير معبر عن الحقيقة ولذلك كان المصريون العاملون في الخارج يتجهون للسوق الموازية أو ما تعرف بالسوق السوداء لبيع العملات الأجنبية بها بسبب وجود سعرين في السوق حيث كان سعر الدولار في السوق الرسمية يباع بـ نحو 31 جنيها بينما كان في السوق الموازية بأكثر من 50 جنيهًا لكن بعد قرار التعويم توجهت أموال المصريين في الخارج إلى المسار الرسمي بالقطاع المصرفي ما أدى إلى زيادة التحويلات ودخولها للسوق الرسمية.

وطالبت المهدي، بضرورة الاستفادة من هذه التحويلات من خلال تشجيع العاملين بالخارج على الاستثمار في مصر مشددة على ضرورة أن يكون هناك دور للقطاع الخاص في عملية الإئتمان المصرفي وألا توجه معظم التحويلات بالعملة الأجنبية للحكومة، خاصة أن نمو القطاع الخاص سيسمح بتوافر مزيد من فرص العمل وزيادة معدلات النمو الاقتصادي كما سيسمح بمزيد من فرص التصدير للخارج مع استهداف القطاعات التصديرية الواعدة لدعمها من جانب الدولة.

ارتفاع معدلات التضخم يؤثر على انخفاض قيمة العملة المحلية

ومن جانبه قال الدكتور عبد العاطي لاشين، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة السويس إن سعر صرف أى عملة في العالم يعتمد على مجموعة من المؤثرات أو المتغيرات المسماة بالمتغيرات الاقتصادية في الأجل الطويل والمالية في الأجل المتوسط والنقدية في الأجل القصير حيث تؤثر الثلاث متغيرات تلك في آن واحد بشكل مركب، ولعل أهم متغير هنا هو معدل التضخم و سعر الفائدة، إذ إن معدل التضخم يؤثر سلبا على سعر العملة، فكلما ارتفع التضخم انخفض سعر صرف عملة الدولة التي يرتفع معدل التضخم بها، إلا إذا تدخلت السياسة النقدية (البنك المركزي).

وأضاف لاشين، أنه مع ارتفاع معدلات التضخم ووجود سياسة سعر صرف غير مرن، يؤدى ذلك إلى قفزات في انخفاض سعر صرف العملة المحلية، وبصفة خاصة عند لجوء الدولة إلى صندوق النقد الدولي للاقتراض، الذى سيترجمه الجميع ومنهم المصريين العاملين بالخارج، بالانتظار لفترة لحين تصحيح سعر الصرف مما سيؤدي لتوقف التدفقات الأجنبية، لكن عند استقرار سعر الصرف فتكون هناك رسالة للجميع أنه لن يحدث انخفاض في سعر الصرف فيبدأون في تحويل أموالهم عبر المصارف الرسمية.

وأشار لاشين، إلى أن تحويلات المصريين بالخارج هى انعكاس لتوقعات أطراف السوق حيث إنه في حالة توقع الغالبية انخفاض سعر العملة سيحجمون عن تحويل أموالهم عبر القطاع المصرفي الرسمي بينما في حالة ما إذا توقعوا مزيد من التحسن في اقتصاد الدولة فسيسرع ذلك بمزيد من التحويلات الأجنبية للبلاد.

بينما تقول الدكتورة يمن الحماقي رئيسة قسم الاقتصاد السابقة بجامعة عين شمس إن ما حدث من زيادة في تحويلات المصريين بالخارج هو نتيجة تصحيح مسار وعودة طبيعية بعد اختفاء السوق السوداء ووجود سعرين في السابق للدولار مقابل الجنيه بالسوق المصرية وبالتالي وبعد اختفاء هذه العناصر المؤثرة على تحويلات المصريين في الخارج عادت الأمور لما كانت عليه حيث سبق أن وصلت تحويلات المصريين في الخارج قبل ذلك لـ 33 مليار دولار.

وأضافت الحماقي أنه مع ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم كان من الطبيعي أن يقوم المصريون بالخارج بزيادة تحويلاتهم بالعملات الأجنبية لأسرهم لمواجهة متطلبات الحياة وتكاليف المعيشة التي زادت نتيجة ارتفاع هذه الأسعار.

توقعات بزيادة التدفقات الأجنبية للمصريين بالخارج

وتوقعت الحماقي ارتفاع هذه التحويلات خلال الفترة المقبلة مطالبة الحكومة بإطلاق مبادرات تشجيعية ومحفزة للمصريين بالخارج مشيدة بمبادرات حكومية لشراء السيارات والعقارات كما ينبغي تشجيعهم للاستثمار داخل مصر من خلال تسهيل الإجراءات وهو ما سيؤدي في النهاية لزيادة التصدير للخارج حيث تحتاج مصر لتعظيم القدرات التصديرية بشكل أفضل، وهناك النموذج الصيني الذي ساهم في جلب التكنولوجيا من الخارج للداخل الصيني حيث شجعتهم حكومتهم على ذلك. 

وطبقاً لبيانات البنك الدولي لعام 2024 تحتل مصر المركز السابع بـ (22,7 مليار دولار) عالميا من حيث حجم التحويلات المالية المرسلة لها من الخارج بعد كل من الهند (129,1 مليار دولار)، والمكسيك (68,2 مليار دولار)، والصين (48 مليار دولار)، والفلبين (40,2 مليار دولار)، و باكستان (33,2 مليار دولار)، ثم بنجلادش (26,6 مليار دولار).

وصرح الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال الاجتماع الأخير للمجلس إن الأزمة الاقتصادية التي واجهتها الدولة المصرية على مدار الفترة الماضية تم تجاوزها.

أخبار متعلقة