اضطراب في أسواق الحديد العالمية.. ما تأثير الرسوم الحمائية المصرية؟

أخر تحديث 2025/10/02 03:54:00 م
اضطراب في أسواق الحديد العالمية.. ما تأثير الرسوم الحمائية المصرية؟

آراب فاينانس: كشف خبراء في الاقتصاد، وفي مجال صناعة الحديد والصلب، عن أن فرض الرسوم الجمركية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، والتي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على واردات الحديد للسوق الأمريكية بنسبة 50% جعل بعض المصدرين من الدول الأوروبية والأسيوية، يتجهون لتصدير منتجاتهم لدول تفرض رسوم جمركية أقل على منتجات الحديد والصلب مثل مصر، وهو ما أضر بعدد من المصانع المصرية نتيجة بعض الممارسات الضارة من الموردين مثل البيع بأسعار غير عادلة.

وأوضح الخبراء أنه نتيجة تلك الممارسات الضارة للصناعة المحلية اتخذت الحكومة قرارًا بفرض رسوم حمائية على واردات الحديد لمدة مؤقتة.

وأصدر حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، في 11 سبتمبر الماضي قرارًا بفرض رسوم وقائية مؤقتة على واردات الصلب المدرفلة على الساخن لمدة 200 يوم بنسبة 13.6%، وبما لا يقل عن 3673 جنيهًا للطن، كما فرض وزير الاستثمار رسومًا بنسبة 16.2% على واردات مصر من البليت، بما لا يقل عن 4613 جنيهًا للطن.  

وأشارت وزارة الاستثمار، في بيان لها، إلى أن الرسوم تستهدف حماية الصناعة المصرية من الممارسات الضارة في التجارة الدولية حيث سيتم تفعيل القرار اعتبارًا من 14 سبتمبر 2025.

القرار إيجابي ويحمي الصناعة الوطنية

من جانبه  قال الدكتور وليد جمال الدين، رئيس المجلس التصديري لمواد البناء والحراريات والصناعات المعدنية، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن قرار وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية بفرض رسوم حمائية على واردات الصلب، هو قرار إيجابي هدفه حماية الصناعة الوطنية المصرية، خاصة مع قيام دول كبرى في إنتاج الحديد مثل الصين وتركيا بالبيع بأسعار غير عادلة، وهو ما يضر بالصناعة المحلية للحديد في مصر.

وأضاف جمال الدين أن سبب ارتفاع سعر الحديد في مصر مؤخرًا يرجع إلى ارتباطه بالسعر العالمي والبورصات الدولية مؤكدًا أن هذه الزيادة الأخيرة للحديد لا علاقة لها بأي تكاليف جديدة تم تحميلها على عمليات الإنتاج في مصر.

وأوضح جمال الدين أن السوق المصرية تواجه حربًا تجارية من بعض المنتجين العالميين للحديد نتيجة نمو الصادرات المصرية من الحديد في الآونة الأخيرة لافتًا إلى أن المجلس التصديري لمواد البناء يتعاون مع الحكومة ممثلة في وزارة التجارة والصناعة لتقديم الأدلة والمستندات اللازمة بأننا في مصر لا نمارس أي عمليات إغراق بالأسواق الخارجية.

ووفق النشرة الأخيرة للمجلس التصديري لمواد البناء والحراريات والصناعات المعدنية حصل "آراب فاينانس" على نسخة منها فإن تركيا والبرازيل أكبر دولتين تم التصدير لهما منذ شهر يناير 2025 وحتى أغسطس من ذات العام حيث زادت الصادرات المصرية من الحديد لتركيا إلى 197 مليون دولار مقارنة بـ 177 مليون دولار في نفس الفترة من عام 2024 بمعدل نمو 11%، بينما زادت صادرات الحديد من مصر إلى دولة البرازيل إلى 106 مليون دولار في الفترة من يناير إلى أغسطس  2025 مقارنة بـ 77 مليون دولار في العام السابق له بذات الفترة بمعدل نمو 37%.

التزام من جانب المصانع الكبرى بعدم زيادة الأسعار خلال الثلاثة شهور المقبلة

وقال أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن قرار الحكومة بوضع رسوم حمائية يرجع إلى تضرر العديد من المصانع المصرية المنتجة لحديد البليت من واردات الحديد المستوردة مشيرًا إلى أنه كان هناك تخوف بعد صدور قرار الرسوم الحمائية من رفع الأسعار بالسوق المحلية لكن هناك التزام من جانب المصانع الكبرى بعدم زيادة أسعار الحديد خلال الثلاثة شهور المقبلة لافتًا إلى أن سعر الحديد الآن يتراوح بين 35 ألف جنيه و38 ألف جنيه، وأنه لن يكون هناك زيادة عن هذا السعر خلال الفترة المقبلة.

وأضاف أن أبرز الدول التي تستورد منها مصر الحديد البليت هى تركيا، والتي تستحوذ على النسبة الأكبر من واردات الحديد القادمة إلى مصر.

السوق العالمية للحديد تعاني من فوائض الإنتاج

ومن ناحيتها قالت الدكتورة عالية المهدي، أستاذة الاقتصاد والعميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن سوق الحديد العالمية، يعاني من فوائض كبيرة نتيجة الرسوم الجمركية المفروضة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية فضلًا عن توجه الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم حمائية مماثلة، في الوقت الذي تحاول دول مثل الهند والصين وتركيا لتصريف منتجاتها من الحديد، وهو ما جعل هناك بعض الممارسات التجارية الضارة من بعض الدول مثل عمليات الإغراق، وبالتالي كان ينبغي على الحكومة حماية صناعة الحديد الوطنية.

وأضافت المهدي أن صناعة الحديد في مصر محملة بأعباء ارتفاع سعر الطاقة مقارنة بمثيلتها ومنافسيها من الدول المصدرة الأخرى.

وأوضحت أن صناعة الحديد في مصر تنقسم إلى نوعين حيث هناك النوع الأول، وهم من يستوردون خام الحديد ويبدأون في تحويله لصناعة متكاملة، وهذا النوع تصل فيه القيمة المضافة المحلية بنحو 45%، وبالتالي فالدولة ترغب في حماية الصناعة الوطنية من خلال فرض رسوم حمائية تحمي صناعتها المحلية، وهناك النوع الثاني من مصنعي الحديد الذين يستوردون حديد البليت من الخارج، وهنا القيمة المضافة المحلية ضعيفة لا تتجاوز 12%.  

وأشارت المهدي إلى أن فرض الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب أحدثت ارتباك بالسوق العالمي وفائض حيث تعد السوق الأمريكية سوق هشة وضعيفة في صناعة الحديد مقارنة بالصين وأوروبا، وبالتالي اضطر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفرض رسوم جمركية تصل إلى 50% نتيجة غزو وإغراق السوق الأمريكية بمنتجات الحديد الأوروبية والأسيوية مؤكدة أن فرض الرسوم الحمائية المصرية على واردات الحديد لا يتعارض مع اتفاقية التجارة الحرة.

وشهدت قيمة واردات مصر من الحديد والصلب ارتفاعًا بنسبة 20.9% خلال 2024 لتصل الى 5.179 مليار دولار في مقابل 4.285 مليار دولار خلال 2023.

وأوضحت بيانات التجارة الخارجية الصادرة عن الاتحاد العربي للحديد والصلب استحواذ الحديد والصلب على نسبة 5.5% من إجمالي الواردات المصرية خلال العام الماضي البالغة 94.698 مليار دولار.

وأظهرت البيانات استحواذ 5 دول “الصين، روسيا، المملكة المتحدة، بلجيكا، تركيا” على 68.5% من إجمالي الواردات خلال 2024 بقيمة 3.546 مليار دولار في مقابل 2.757 مليار دولار خلال 2023 بنمو 28.6%.

وارتفعت قيمة الواردات من الصين بنسبة 42.4% لتسجل 987.723 مليون دولار في مقابل 693.615 مليون دولار، ومن روسيا الاتحادية بنسبة 72.2% لتسجل 967.31 مليون دولار في مقابل 561.819 مليون دولار ، لتستحوذ الدولتان على 37.7% من إجمالي الواردات بنحو 1.955 مليار دولار.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد أعلن في مايو الماضي عن أن الولايات المتحدة الأمريكية ستضاعف الرسوم الجمركية على واردات الصلب إلى 50%.

وقال ترامب: "سنفرض زيادة بنسبة 25%. سنرفع الرسوم الجمركية على الصلب المستورد إلى الولايات المتحدة الأمريكية من 25% إلى 50%، مما سيعزز مكانة صناعة الصلب ويؤمن الوظائف في الولايات المتحدة".

ويعتزم الاتحاد الأوروبي فرض قيود على واردات الصلب إلى أسواقه، في ظل معاناة المنتجين المحليين من تداعيات فائض الطاقة الإنتاجية القادم من آسيا، إلى جانب الحواجز التجارية المفروضة من الولايات المتحدة وشركاء آخرين.

 

اخبار مشابهة