آراب فاينانس: كشف الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، ومساعد مدير صندوق النقد الدولي السابق، عن أن الحكومة ستعلن عن صفقات جديدة قريبًا، مع كل من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية، على غرار صفقتي رأس الحكمة مع دولة الإمارات وعلم الروم مع دولة قطر.
وأضاف الفقي في حوار حصري لـ آراب فاينانس أن صفقة علم الروم الجديدة بالساحل الشمالي مع دولة قطر سيكون لها آثار اقتصادية واجتماعية جيدة على الاقتصاد المصري، خاصة ما يتعلق باستقرار سعر الصرف، وتحسين ميزان المدفوعات، ودعم قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار وتخفيض الدين الخارجي، وإلى نص الحوار:
وقعت مصر صفقة كبيرة عرفت بصفقة علم الروم مع دولة قطر.. ما هى الآثار الاقتصادية على مصر؟
إن صفقة علم الروم بالساحل الشمالي سيكون لها آثار اقتصادية واجتماعية، وعمرانية وبيئية على مصر خلال الفترة المقبلة.
كما أن هذه الصفقة هي الصفقة الثانية التي عقدتها مصر مع الدول العربية الخليجية الشقيقة، بعد صفقة رأس الحكمة.
كيف ترى تأثير صفقة علم الروم على الديون الخارجية المصرية؟
الدين الخارجي على الدولة هو عبارة عن دين على الموازنة العامة للدولة التابعة لوزارة المالية حيث تتحمل وزارة المالية نحو 50% من إجمالي هذه الديون الخارجية لمصر، إلى جانب 50% أخرى يتحملها البنك المركزي المصري، والتي تعد ديون خارجية عليه، وكذلك ديون الشركات العامة، وبعض البنوك العامة، والهيئات الاقتصادية حيث لدينا 63 هيئة اقتصادية مستقلة عن الموازنة العامة للدولة تمامًا مثل هيئة قناة السويس وهيئة التنمية السياحية، وتعد أخر هيئة انضمت لهذه الهيئات هى هيئة المتحف المصري الكبير، والذي تم تمويله من اليابان بـ 800 مليون دولار.
وصفقة علم الروم ستعمل على زيادة صافي الأصول الأجنبية بالدولار لدى الجهاز المصرفي الممثل في البنك المركزي المصري، و38 بنكًا يعملون في مصر، وهو ما سيسمح بتسهيل فتح الاعتمادات الدولارية بغرض الاستيراد، حيث وصلت الاحتياطيات من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري لنحو 50.1 مليار دولار حتى شهر أكتوبر الماضي، وهو رقم لم يحققه البنك المركزي في تاريخه منذ إنشائه.
كما أن الدين الخارجي سينخفض نتيجة زيادة الودائع الدولارية بالبنك المركزي، ومبادلة الودائع الأجنبية بالجنيه المصري.
ما تأثير صفقة علم الروم على معدل النمو في مصر؟
ستؤدي صفقة علم الروم الصفقة إلى تعزيز وزيادة معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي، أو ما يسمى النشاط الاقتصادي في مصر، وهو ما سيؤدي لزيادة معدلات التشغيل ومزيد من فرص العمل، والمساهمة في خفض معدلات البطالة إلى جانب ضخ مزيد من الاستثمارات في شرايين الاقتصاد المصري.
ما تأثير الصفقة على دور القطاع الخاص في الاقتصاد المصري؟
هناك أهمية لدور القطاع الخاص في الاقتصاد المصري كاستثمار أجنبي (عربي) مباشر في صفقة علم الروم، من خلال الصندوق السيادي القطري، وهو ما يعني الاستعانة بالشركات المصرية العاملة في مجال التنمية العمرانية خاصة أنها ستكون بتكلفة أقل من حيث العمالة الفنية المستوردة، بخلاف الخامات وغيرها من احتياجات التشغيل.
والصفقة ستؤدي كذلك إلى زيادة النشاط الاقتصاي بما يعني زيادة الحصيلة الضريبية دون ارتفاع معدلات الضرائب، وهو ما ينعكس على خفض العكس في الموازنة العامة للدولة كذلك فإن الصفقة ستؤدي أيضا زيادة موارد النقد الأجنبي داخل البنك المركزي، وبالتالي وعلى مدار العمل لمدة 15 عامًا في مشروع منطقة علم الروم، سنضمن استدامة حصيلة النقد الأجنبي من خلال ما تسمى الاستثمارات الأجنبية (العربية) المباشرة.
ماذا عن تكامل موارد الضخ الأجنبي من العملات الأجنبية وكيف تراها؟
هناك نحو 5 مصادر أساسية لضخ النقد الأجنبي في مصر، وهى الاستثمارات الأجنبية المباشرة والصادرات السلعية للخارج، وعائدات السياحة المصرية، وتحويلات أبنائنا المصريين بالخارج، فضلًا عن إيرادات قناة السويس التي بدأت تتعافى.
وصفقة علم الروم ستعمل على زيادة صافي الأصول الأجنبية بالدولار لدى الجهاز المصرفي الممثل في البنك المركزي المصري، و38 بنكًا يعملون في مصر، وهو ما سيسمح بتسهيل فتح الاعتمادات الدولارية بغرض الاستيراد، حيث وصلت الاحتياطيات من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري لنحو 50.1 مليار دولار حتى شهر أكتوبر الماضي، وهو رقم لم يحققه البنك المركزي في تاريخه منذ إنشائه.
كم من الفترة يغطي احتياطي النقد الأجنبي الواردات المصرية؟
إن هذا المبلغ من النقد الأجنبي والذي يتجاوز 50 مليار دولار كاحتياطي، سيغطي نحو 8 أشهر من احتياجات الواردات المصرية من الخارج، حيث إن انخفاض هذه الفترة لثلاثة شهور يعني خطر كبير، وتستهدف مصر الوصول بهذا الاحتياطي لـ 65 مليار دولار بالبنك المركزي المصري بما يكفي مع نهاية عام 2026 تغطية الواردات المصرية لمدة عام كامل، ويتزامن ذلك مع انتهاء برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي.
ما هو تأثير صفقة علم الروم على سوق الصرف في مصر؟
كل العوامل السابقة من استثمارات مباشرة وموارد الضخ الأجنبي الأخرى ستؤدي إلى استقرار في سعر الصرف حيث اختفت السوق السوداء الموازية للسوق المصرفي الرسمي، منذ تحرير سعر الصرف في 6 مارس 2024.
كما حدث استقرار في سعر الصرف بل أصبح هناك انخفاض لسعر الدولار تدريجيًا مع زيادة موارد النقد الأجنبي بالجهاز المصرفي، إذ كان منذ 6 أشهر سعر الدولار مقابل الجنيه المصري 51.6 جنيه، وحاليًا 47.25 جنيه مصري مقابل الدولار، وهو قابل لمزيد من الانخفاض مع هذه الصفقات والتدفقات من النقد الأجنبي من السياحة والتي انتعشت مع افتتاح المتحف المصري الكبير حيث وصلت إلى 15.7 مليار دولار في العام المالي 2024 / 2025 ومتوقع أن تصل إلى 20 مليار دولار في هذا العام المالي 2025 / 2026، فضلًا عن تحويلات المصريين بالخارج والتي مخطط لها أن تصل في العام المالي 2025 / 2026 لنحو 40 مليار دولار.
كيف ستنعكس صفقة علم الروم مع قطر على الصادرات المصرية؟
صفقة علم الروم ستنعكس على زيادة الصادرات نتيجة توافر العملة الأجنبية التي يتم شراء المواد الخام بها والتي تحتاجها المصانع، وهو ما يزيد من خطوط الإنتاج والتصدير فضلًا عن تغطية السوق المحلي.
كما أن خفض سعر الفائدة سيقلل من تكلفة الاقتراض لإقامة المشروعات مما يقلل من تكاليف التشغيل لهذه المصانع، وينعكس ذلك على تراجع الأسعار وانخفاض التضخم.
ونحن لدينا ثلثي الواردات المصرية هى عبارة عن خامات ومستلزمات إنتاج غير تامة الصنع، والتي يقدر ثمنها بـ 80 مليار دولار، ومع تراجع الدولار مقابل الجنيه المصري نتيجة زيادة التصدير الناتج عن خفض سعر الفائدة سيقلل ذلك من تكلفة التمويل ويزيد من خطوط الإنتاج، وسيؤدي ذلك إلى وجود فرص لانخفاض وتراجع الأسعار، والنفاذ للسوق المحلي، والخارجي بأسعار تنافسية، كما أن الصفقة تنعكس أيضًا على تحسن في ميزان المدفوعات.
ما تقييمك لإيرادات قناة السويس حاليًا كأحد موارد النقد الأجنبي؟
مع استقرار المنطقة بعد قمة السلام الموقع في شرم الشيخ، ووقف إطلاق النار في غزة، أدى ذلك إلى تعافي قناة السويس نتيجة توقف هجوم الحوثيين على السفن المارة من باب المندب حيث أشار الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس إلى زيادة أعداد السفن المارة في قناة السويس خلال شهر اكتوبر الماضي ومن المتوقع تحسن الإيرادات خلال الفترة المقبلة لتعود إيرادات قناة السويس كما كانت عليه حيث أصبحت مصر نموذجًا جيد للاستقرار بالمنطقة، مما يجعل نتائج هذا الاستقرار على الاقصاد المصري والتطور في المجتمع تنعكس على دول أخرى حيث يمكن أن تحتذي بها الدول كدولة مستقرة لتوقف الصراعات في الدول الشقيقة المجاورة مثل السودان وليبيا.
كما أن الهيئة الاقتصادية بقناة السويس برئاسة وليد جمال الدين، بدأت إيرادتها تزيد، وهي مصدر مهم للنقد الأجنبي إضافة للموارد الدولارية السابقة.
ما هو تأثير البعد البيئي والعمراني لإقامة مثل هذه المشروعات؟
أريد أن أؤكد هنا أن دولة ألمانيا الاتحادية كان لها ديون قديمة لدى مصر، وقامت بمبادلة هذه الديون بمشروعات الطاقة المتجددة، وقيمتها تصل إلى 125 مليون يورو بما يعادل نحو 150 مليون دولار، وقررت شطب هذا الدين على مصر مقابل إعطاء الأموال للقطاع الخاص لينشئ مشروعات الطاقة المتجددة مثل مشروع طاقة الرياح بخليج السويس حيث من المستهدف رفع نسبة الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي الطاقة المولدة بحلول عام 2030.
وبخصوص البعد العمراني لصفقة علم الروم ستؤدي إلى إقامة تجمعات عمرانية وساهم في ذلك إقامة بنية تحتية قوية مثل طريق روض الفرج الضبعة فضلًا عن تطوير طريق وادي النطرون وطريق الساحل الشمالي كما تم توفير القطار الكهربائي السريع لنقل الركاب من منطقة السخنة إلى العاصمة الإدارية إلى أكتوبر إلى العلمين ثم إلى مرسى مطروح، وكل تلك العوامل من شبكات طرق مؤهلة ومحطات لتحلية المياه، والتي تدار بالطاقة الشمسية وهو بعد بيئي وعمراني مهم باستخدام الطاقة المتجددة، كمدن صديقة للبيئة، وذلك سواء في مدينة العلمين التي أنشأتها شركة سيتي إيدج وبها بها فنادق وجامعات ومجتمع عمراني أو مدينتي علم الروم ورأس الحكمة سيكون النشاط بهما طوال العام وليس في الصيف فقط نتيجة البنية التحتية القومية والخدمات المقدمة، والتعمير الذي تحظى به.
كيف ستتأثر السياحة المصرية من وجهة نظرك بصفقات مثل علم الروم ورأس الحكمة؟
إقامة مثل هذه المشروعات على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط يجعلها مناطق جاذبة للأوروبيين على الجانب الآخر من المتوسط سواء شمال أو جنوب أوروبا وهو ما ينعش السياحة المصرية نتيجة الوفود القادمة من هناك فضلًا عن مراسي اليخوت التي تم إنشائها، والسياحة الشاطئية، إلى جانب بالطبع المتحف المصري الكبير، الذي يقع بالقرب من مطار سفنكس، ومنه يمكن للسائح أن يزور العلمين أو رأس الحكمة أو علم الروم وغيرها فيما بعد، وبالتالي أصبح لدى السائح القادم لمصر سياحة ثقافية وتراثية ممثلة في المتحف المصري الكبير يمكنه بعد ذلك الانتقال للسياحة الشاطئية عبر مطار سفنكس ليزور مدن الساحل الشمالي مثل علم الروم ورأس الحكمة حيث يتم تأسيس مطار حاليًا هناك.
وتستهدف مصر أن يصل عدد السياح خلال الخمس سنوات المقبلة إلى 30 مليون سائح، بحصيلة قد تزيد عن 45 مليار دولار في عام 2030.
ما هى التأثيرات الاجتماعية التي ستقع على المواطن نتيجة صفقة علم الروم؟
يتمثل البعد الاجتماعي هنا في تشغيل الشباب وتوفير العديد من فرص العمل من خلال هذه المشروعات عبر العمالة الدائمة بعد إقامة المشروع وغير المباشرة خلال مراحل التشغيل حيث سيستمر مشروع رأس الحكمة لحين الانتهاء منه 20 عامًا وستحصل الحكومة على نحو 35% من الأرباح تصب في الموازنة لدى وزارة المالية، فضلًا عن 15 عامًا في علم الروم بمراحلهم المختلفة، تحصل الحكومة على 15% من أرباح صفقة علم الروم.
كما أن زيادة الحصيلة الضريبية الناتجة عن هذه المشروعات يمكن من خلالها إحداث تغيير اجتماعي في حياة المواطنين ببرامج الحماية الاجتماعية عبر الموازنة العامة للدولة حيث ستزيد المعاشات وبرامج تكافل وكرامة، وهو ما يقلل من الضغوط الاقتصادية التي يتعرض لها من يعيشون تحت خط الفقر من الأسر، هذا إلى جانب زيادة ميزانية العلاج على نفقة الدولة والالتزام بالمخصصات التي أقرها الدستور المصري فيما يتعلق بقطاعي التعليم والصحة لتحسينهما.
كذلك هناك الحصيلة الضريبية من ممتلكات الدولة مثل الهيئات الاقتصادية حيث تم تشكيل لجنة عليا برئاسة رئيس الوزراء بصفته وأمانة عامة، وأمانة فنية لإعادة هيكلة هذه الهيئات الاقتصادية، وإحداث إصلاح هيكلي بها لتعظيم إيراداتها وهى تسمى إيرادات غير ضريبية، من ممتلكات الدولة من شركات قابضة وغيرها حيث سيتم خلال الفترة المقبلة طرح عدد من الشركات الحكومية للقطاع الخاص لأنه بالطبع لديه قدرة على المناورة، ويمتلك مرونة أكثر في التعامل مع الأزمات، وقد أثبت القطاع الخاص في مصر أنه لديه شهية كبيرة للاستثمار في مجالات مختلفة سواء صناعية أو زراعية أو خدمية كالسياحة، فضلا عن تكنولوجيا المعلومات. ولدينا في مصر شركات ناشئة، ورواد أعمال مبتكرين، وينبغي تشجيعهم من جانب الدولة.
هل سيعقب صفقة علم الروم صفقات أخرى؟
صفقة علم الروم سيعقبها صفقة قريبة لدولة الكويت وصفقة تالية للسعودية، ورئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي عندما أعلن عن صفقة رأس الحكمة منذ نحو عام ونصف في فبراير 2024 أكد أنه سيعقبها صفقات أخرى.