صفقة علم الروم مع دولة قطر.. كيف ستؤثر على الاقتصاد المصري؟

أخر تحديث 2025/11/16 01:23:00 م
صفقة علم الروم مع دولة قطر.. كيف ستؤثر على الاقتصاد المصري؟

آراب فاينانس: أكد خبراء اقتصاديون، أن صفقة علم الروم والتي وقعت مع دولة قطر سيكون لها تأثيرات إيجابية على الاقتصاد المصري، وأنها لا تقل أهمية عن صفقة رأس الحكمة مع دولة الإمارات خاصة دورها في خفض الدين الحكومي.

ووقعت الحكومة المصرية مع شركة الديار القطرية صفقة بقيمة تقارب 30?مليار دولار لتطوير منطقة علم الروم في الساحل الشمالي، في واحدة من أكبر اتفاقيات الاستثمار الأجنبي المباشر في تاريخ البلاد.

وتتضمن الصفقة دفعة أولية للأرض، واستثمارات عينية، وحصّة مستقبلية للدولة تصل إلى 15?% من أرباح المشروع.

 من جانبها قالت الدكتورة مروة الشافعي الخبيرة الاقتصادية والمصرفية إن صفقة "علم الروم" بين مصر وقطر تُعد نموذجًا للشراكة الاستثمارية الذكية التي تجمع بين التمويل الخليجي والخبرة المصرية حيث تبلغ قيمة الاستثمارات الإجمالية 29.7 مليار دولار، تشمل 3.5 مليار دولار نقداً تدفع فوراً، و1.8 مليار دولار كقيمة عينية، بالإضافة إلى حصة مصر بنسبة 15% من صافي الأرباح بعد استرداد التكاليف.

صفقة علم الروم تدعم الاحتياطي النقدي المصري

وأضافت الشافعي أن الصفقة ستسهم في دعم الاحتياطي النقدي المصري، وتخلق نحو 250 ألف فرصة عمل، وتضع مصر على خريطة السياحة العالمية الفاخرة، كما تعزز التعاون الاقتصادي الإقليمي وتدعم التصنيف الائتماني للبلاد.

وأوضحت الشافعي أنه من الناحية الاقتصادية، توفر الصفقة مزايا متعددة المستويات، حيث تدعم ميزان المدفوعات عبر جذب استثمارات أجنبية مباشرة تعادل نحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي الحالي لمصر.

كما تسهم الصفقة حسب الشافعي في تنويع مصادر النمو الاقتصادي من خلال إحياء قطاع السياحة الفاخرة والخدمات المرتبطة بها، وتخلق تأثيراً مضاعفاً يصل إلى 1.5 دولار في الاقتصاد المحلي مقابل كل دولار مستثمر، علاوة على ذلك، تعزز الصفقة قيمة الجنيه المصري عبر زيادة تدفقات العملة الصعبة، وتوفر إيرادات مستدامة للموازنة العامة من خلال حصة الأرباح، مما يسهم في خفض عجز الموازنة على المدى المتوسط.

ويتفق الدكتور عز الدين حسانين الخبير الاقتصادي مع رؤية الشافعي حيث يرى أن صفقة علم الروم التي عقدت مع دولة قطر لا تقل أهمية عن صفقة رأس الحكمة التي وقعت مع الإمارات، وأن كانت صفقة رأس الحكمة جاءت في توقيت كانت فيه مصر في حاجة للتدفقات النقدية من العملة الأجنبية، مع بعض المشكلات التي كانت في سعر الصرف.

وأوضح حسانين أن صفقة علم الروم بها العديد من الفوائد لمصر، خاصة أن الصفقة قد تحول 4 مليار دولار ودائع قطرية في البنك المركزي للجنيه المصري لاستخدامها في المرحلة الأولى للمشروع، بالإضافة إلى 3.5 مليار دولار سيتم ضخهم نقدًا في شهر ديمسبر المقبل.

الصفقة ستسهم في خفض الدين الخارجي لمصر

وأكد حسانين أن الصفقة ستخفض الدين الخارجي لمصر بقيمة 4 مليار دولار، كما ستعزز الاحتياطي من النقد الأجنبي ليتجاوز 55 مليار دولار، وهو ما يعطي الأمان للمستثمرين سواء داخل مصر أو خارجها وذلك نتيجة توافر النقد الأجنبي اللازم لشراء مستلزمات الإنتاج من الخارج للعديد من المشروعات داخل مصر.

وارتفع الدين الخارجي لمصر بنحو 6 مليارات دولار منذ بداية 2025، ليصل إلى 161.2 مليار دولار في نهاية الربع الثاني، وفق ما أظهرت بيانات البنك المركزي ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي.

وشدد حسانين على أن صفقة علم الروم ستقضي تمامًا على إمكانية وجود سوق سوداء في مصر، منوهًا بأن حجم الأموال الساخنة في مصر وصل لنحو 40 مليار دولار، ورغم ذلك فهذه الأموال لا يتم الاعتماد عليها بشكل رئيسي نظرًا لتزايد الاحتياطي النقدي في مصر إلى جانب أن صافي الأصول الأجنبية في مصر قد تجاوز 20 مليار دولار، فضلا عن تحويلات المصريين في الخارج التي تجاوزت 36 مليار دولار، وكذلك تحسين تصنيف مصر الإئتماني.

وأكدت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، أن الصفقة الاستثمارية التي وقّعتها مصر مع قطر لتنمية منطقة علم الروم، باستثمارات تقديرية تبلغ 29.7 مليار دولار، تمثل عاملًا إيجابيًا للتصنيف الائتماني لمصر، وتُعزز الاستقرار الاقتصادي على المدى المتوسط.

وأوضحت، أن استمرار تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر سيسهم في دعم استقرار سعر الصرف، وتعزيز ثقة المستثمرين، إلى جانب خفض تكاليف الاقتراض الحكومي، وهو ما ينعكس على تحسين قدرة مصر على تحمل الديون، رغم الإشارة إلى أن هذه القدرة ما زالت ضعيفة نسبيًا في الوقت الحالي.

كما ستؤدي الصفقة وفق حسانين إلى ارتفاع الإيرادات السياحية خاصة مع افتتاح المتحف المصري الكبير مع توقعات بوصول الإيرادات السنوية للسياحة لنحو 20 مليار دولار، وكل تلك العوامل ستؤدي لتحسن في سعر الصرف ومن الوارد بالطبع أن ينخفض سعر الدولار لمستوى الـ 40 جنيه مقابل الجنيه المصري مع زيادة هذه التدفقات الدولارية.

وأكد حسانين أن المواطن يهمه في النهاية انخفاض الأسعار وارتفاع القوة الشرائية للجنيه، وهو ما أتوقع أن يحدث ذلك مع انخفاض سعر الصرف مطالبًا برفع المعاشات والمرتبات بنسب التضخم حتى يشعر المواطن بالنمو الاقتصادي وتقوية القوى الشرائية لديه.

وألمح إلى أن صفقة علم الروم ستكون منطقة جذب للسياحة الشاطئية على ساحل البحر المتوسط، لكن ينبغي في ذات الوقت زيادة الغرف الفندقية لاستيعاب الطفرة المتوقعة في السياحة المصرية لأنها لا تستوعب 30 مليون سائح مستهدفين من جانب الحكومة، إذ أن القوة الاستيعابية للغرف الفندقية تتحمل نحو 18 مليون سائح فقط.

وأشار إلى أن مصر تسير في ذات الوقت وبالتوازي في تطوير ونمو القطاع الصناعي والزراعي للابتعاد عما يسمى في الاقتصاد المرض الهولندي، والذي يعني الاهتمام بقطاع واحد مثل العقارات مع إهمال كل القطاعات.

من جانبه وصف الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي الصفقة بأنها طوق نجاة للاقتصاد المصري لافتًا إلى أنها ستعمل على تنشيط العديد من القطاعات الأخرى مثل القطاع الصناعي والزراعي.

ضرورة تعويض الأهالي التعويض العادل

وحول تعويض أهالي منطقة علم الروم نتيجة نقلهم خارج المناطق السكنية التي يقطونها بعد إتمام الصفقة شدد النحاس على ضرورة التعويض العادل لأهالي منطقة علم الروم لأنهم يقطنون تلك المنطقة منذ عشرات السنين وقاموا بتعميرها ولهم حق في التعويض المناسب.

وطالب النحاس بضرورة وضع حلول جذرية للاقتصاد المصري لتوافر النقد الأجنبي بشكل مستدام بعيدًا عن أي حلول مؤقتة.

وأشارت الشافعي إلى أن الصفقة تواجه انتقادات تتعلق بغياب الشفافية في بنود الاتفاقية، وعدم وضوح آليات الرقابة على تنفيذ المشروع، كما أن الاعتماد على النموذج العقاري الفاخر يثير تساؤلات حول قدرة هذه المشروعات على تحقيق تنمية مستدامة.

واختتمت حديثها قائلة: إن التحدي الأكبر يتمثل في ضمان تحويل هذه الاستثمارات إلى قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد القومي، وليس مجرد مشروعات معزولة تخدم النخبة فقط، مع ضرورة وجود آليات مسائلة فعالة تحقق التوازن بين جذب الاستثمارات والحفاظ على المصلحة الوطنية ووجود مؤشر يوضح نصيب الناتج المحلي الإجمالى من السياحة وكذلك نصيب العمالة المصرية.

يذكر أن صفقة “علم الروم” هى شراكة بين وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة من جهة، وشركة الديار القطرية من جهة أخرى، لتنفيذ مشروع تطوير قطعة أرض مساحتها 4900.99 فدان في نطاق منطقة “سملا وعلم الروم” بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح.

ووقع وزير الإسكان، شريف الشربيني، ووزير البلدية القطري ورئيس مجلس إدارة شركة الديار القطرية، عبد الله العطية، عقد شراكة استثمارية لتنمية منطقة سملا وعلم الروم بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح.

وتأتي الشراكة المصرية القطرية، على غرار عقد الشراكة الاستثمارية، الذي وقعته الحكومة المصرية، مع شركة القابضة الإماراتية العام الماضي، لتطوير منطقة رأس الحكمة، على الساحل الشمالي باستثمارات مباشرة للخزانة المصرية بلغت نحو 35 مليار دولار.

وستسهم عملية تنمية الساحل الشمالي، في تعزيز حركة السياحة في هذه المنطقة، وفق رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، الذي أكد أن منطقة الساحل الشمالي، مخطط لها استيعاب أكثر من 17 مليون سائح، وفق رؤية مصر 2030 التنموية.

اخبار مشابهة