مشروع رأس الحكمة وقضايا التمويل العقاري تستحوذ على مناقشات مؤتمر حابي

أخر تحديث 2025/12/16 07:04:00 م
مشروع رأس الحكمة وقضايا التمويل العقاري تستحوذ على مناقشات مؤتمر حابي

آراب فاينانس: شهدت الجلسة الثالثة، بمؤتمر جريدة حابي السنوي السابع، والتي عقدت بعنوان "الشراكة مع القطاع الخاص رافعة مهمة للنمو المتوازن"، مناقشات جادة حول تقييم السوق العقارية في مصر، وأدوات وسبل التمويل المتنوعة، مؤكدين على ضرورة التوسع في بدائل تمويلية أكثر استدامة، وعلى رأسها الصناديق العقارية.

مشروع رأس الحكمة يمثل نموذج ناجح للشراكة بين الدولة والقطاع الخاص

من جانبه قال المهندس تامر ناصر، الرئيس التنفيذي لـ شركة سيتي إيدج للتطوير العقاري، إن الصفقات الكبرى في السوق العقارية، مثل مشروع رأس الحكمة، تمثل نموذجًا ناجحًا للشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، مشيرًا إلى أن المستثمرين في هذه الصفقات لم يقتصروا على المحليين فقط، بل شملوا مستثمرين عرب ودوليين.

وأضاف ناصر، خلال مشاركته في مؤتمر جريدة حابي السنوي السابع بعنوان "تنافسية الاقتصاد المصري - العد التنازلي لأهداف 2030"، أن هذه الشراكات تساعد على استغلال المخزون العقاري الكبير في مصر وتعظيم العائد الاقتصادي، موضحًا أن نسبة الاستفادة من المشروعات في المدن الجديدة ارتفعت من 7% إلى نحو 14% نتيجة مشاركة القطاع الخاص بشكل أكبر.

وأشار إلى أن دخول مطورين دوليين ذوي خبرة، مع وجود مناطق جاهزة للتطوير، ساهم في جذب المزيد من المشاريع الكبرى، مؤكدًا أن المقومات الطبيعية، والسياحية لمصر تجعل المشروعات العقارية أكثر جاذبية.

وأوضح ناصر، أن دور الدولة كشريك أساسي يضمن استقرار المشروعات من خلال تنظيم المرافق، وحماية مصالح المستثمرين، ويسهم في تحقيق عائد للدولة، وتحفيز المستثمرين على تسويق المشاريع محليًا ودوليًا، وتوفير فرص عمل، وتعزيز الصناعات المرتبطة.

وأكد أن توقيت تنفيذ مشاريع مثل رأس الحكمة كان حساسًا، وأن النجاح المُحقق يجعل من هذا النموذج قابلًا للتكرار مع تطويرات تهدف لتعظيم دور الشركات المصرية والمنتجات المحلية.

وشدد ناصر على أن التحدي الحقيقي في السوق العقارية المصرية لا يكمن في صعوبة الحصول على التمويل البنكي، وإنما تتمثل الإشكالية الأساسية في طبيعة السوق، وهيكل التمويل طويل الأجل، مؤكدًا أن البنوك أصبحت أكثر انفتاحًا على تمويل المشروعات العقارية بمليارات الجنيهات.  

وأوضح ناصر، أن المطور العقاري في مصر يقوم فعليًا بدور الممول، وليس المستثمر فقط، في ظل فترات سداد تمتد إلى 7 سنوات أو أكثر، مما يفرض ضغوطًا كبيرة على التدفقات النقدية، خاصة مع ارتفاع تكاليف التنفيذ وتقلبات سعر الصرف.

وأشار  إلى أن هذه المعادلة تقلص قدرة المطورين على تحقيق هامش ربح آمن يتناسب مع حجم المخاطر، لافتًا إلى أن أدوات التمويل التقليدية، رغم توافرها وترحيب البنوك بها، لم تعد كافية وحدها لمواكبة احتياجات السوق المتنامية.

الصناديق العقارية تشهد تطورًا إيجابيًا

وأكد ناصر، ضرورة التوسع في بدائل تمويلية أكثر استدامة، وعلى رأسها الصناديق العقارية، موضحًا أن التشريعات المنظمة لها شهدت تطورًا إيجابيًا خلال العامين الماضيين، بدعم من الهيئة العامة للرقابة المالية، التي وضعت إطارًا تشريعيًا محفزًا، إلا أن السوق لم تشهد حتى الآن انطلاقة حقيقية لهذه الصناديق رغم أهميتها في توفير مصادر تمويل جديدة للمطورين.

وتطرق ناصر، إلى ملف التمويل العقاري للمشترين، واصفًا إياه بأنه أحد أكبر التحديات التي تواجه السوق حاليًا، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، مما أدى إلى الحد من فاعلية هذا النوع من التمويل، وأثر سلبًا على حجم الطلب ومعدلات النمو، مشيرًا إلى أن توافر أدوات تمويل عقاري فعالة من شأنه مضاعفة وتيرة التنمية العمرانية، وجذب شرائح جديدة من العملاء، إلى جانب استقطاب مستثمرين ومقيمين من الخارج.

وشدد ناصر، على أن المرحلة المقبلة تتطلب تشجيع تأسيس الصناديق العقارية وتوسيع نطاقها، بالتوازي مع التوسع في التمويل الأجنبي منخفض التكلفة، خاصة في ضوء التحركات الأخيرة لوزارة الإسكان، وهيئة المجتمعات العمرانية لتقديم حوافز وجذب مؤسسات تمويل دولية، مؤكدًا أن هذه الأدوات تمثل مفتاحًا رئيسيًا لاستدامة نمو القطاع العقاري في مصر.

بينما قال الدكتور أحمد عبد الحافظ، رئيس مجلس إدارة شركة القناة للتوكيلات الملاحية، إن تعزيز دور القطاع الخاص بالشراكة مع القطاع العام يمثل حلًا واقعيًا وفعالًا لتحقيق الأهداف الاقتصادية، مؤكدًا أن هذا التعاون يجب أن يقوم على أسس واضحة تضمن استفادة الاقتصاد المصري بالكامل.

وأضاف عبد الحافظ أن الاقتصاد المصري شهد قبل عام 2011 مشاركة كبيرة للقطاع الخاص، حيث كان يساهم بأكثر من 65% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تتحمل الدولة الجزء المتبقي.

وأشار إلى أن الأحداث الاقتصادية والسياسية التي تلت الثورة، إضافة إلى الأزمات العالمية مثل الأزمة الروسية – الأوكرانية، والأزمات الإقليمية في غزة والسودان وليبيا، أثرت بشكل كبير على دور القطاع الخاص في الاقتصاد.

ونبه عبد الحافظ إلى أن المشكلات الاقتصادية خلال الفترة من 2022 حتى 2024، خاصة المتعلقة بسعر الصرف، أثرت على أداء القطاع الخاص، الذي يعتمد على الاستقرار الاقتصادي لتحقيق أرباحه.

وأوضح أنه مع  بدء ضخ رؤوس أموال استثمارية أجنبية مباشرة واستقرار الوضع الاقتصادي مؤخرًا، بدأ الاستثمار الأجنبي والمحلي يعود تدريجيًا، كما تحسنت ثقة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري.

وأكد عبد الحافظ أن قطاع النقل البحري شهد تطورًا ملموسًا، حيث اهتمت الدولة بالبنية التحتية للموانئ، مما انعكس على تصنيفها عالميًا، مثل ميناء شرق بورسعيد الذي أصبح الثالث عالميًا، وكذلك موانئ دمياط والإسكندرية التي حققت ترتيبًا متقدمًا بين أفضل الموانئ.

مشاركة القطاع الخاص في النقل البحري يدعم التنمية الاقتصادية

وشدد على أن مشاركة القطاع الخاص في مجالات مثل النقل البحري والسياحة، مدعومة بتحسينات كبيرة في البنية الأساسية، تمثل خطوة حيوية لدعم التنمية الاقتصادية، مؤكدًا أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص هي الطريق الأمثل لتحقيق النمو المستدام في مصر.

وقال كريم هلال، رئيس مجموعة كونكورد "إنترناشيونال إنفستمنت"، ورئيس مجلس إدارة شركة سيكونس فينتشر، إن النقاشات حول تخارج الدولة من الاقتصاد  تثير جدلًا واسعًا، حيث يتباين الرأي بين الانسحاب الفوري، والخطوات التدريجية، والحاجة إلى التوازن بين القطاعين العام والخاص.

وأضاف هلال، أن المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي تركز على تخفيض دور الدولة، لكنها غالبًا لا تدرك التعقيدات العملية لتطبيق ذلك على أرض الواقع، نظرًا لتداخل الدولة في الاقتصاد عبر مؤسسات وأجهزة متعددة.

وأكد هلال، أن الحل الواقعي يكمن في تعزيز دور القطاع الخاص عمليًا، من خلال توفير أدوات تمويل مناسبة، وتشريعات محفزة، وحوافز للاستثمار، إلى جانب دعم قصص النجاح التي تثبت قدرة القطاع الخاص على النمو.

وأوضح هلال، أن نمو القطاع الخاص بالشراكة مع الدولة يؤدي طبيعيًا إلى تقليص الحصة النسبية للدولة، ما يجعل التوازن بين القطاعين أكثر استدامة، مؤكدًا أن الهدف هو تحقيق نمو اقتصادي متوازن، مع التركيز على خطوات عملية قابلة للتنفيذ.

ومن جانبه قال قال عاطر حنورة، رئيس الوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص بوزارة المالية إن التحول من هيمنة الدولة على الاقتصاد، وإفساح المجال للقطاع الخاص سيتم تدريجيًا، كما أنه سيستغرق وقت طويل، وهو ما يعد أمرًا طبيعيًا وسليمًا.

وأوضح حنورة أن مشروعات الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص (PPP) تعد من أسرع الآليات التي يمكن أن يدخل القطاع الخاص بها، لأنها المشروعات التي من المنوط بالدولة تقديمها لتلبية احتياجات المواطنين، حيث تتعهد الدولة للقطاع الخاص بالعمل ليقوم به لصالحها، ومن ثم تقوم الدولة بشراء الخدمة بعد ذلك، أو تقوم بالترخيص للقطاع الخاص لتقديم الخدمة مباشرة للمستفيد.

وأشار المسئول الحكومي إلى وجود أشكال متعددة لآليات المشاركة مع القطاع الخاص، منوهًا إلى أنه قد تم البدء في العمل على مشروعات المشاركة مع القطاع الخاص منذ عام 2006، وقد كان هناك فترة جيدة تحتوي على بعض المشروعات التي تم البدء في التحرك بها، لافتًا إلى أن فترة يناير 2011، كانت تشهد ثورات، والتي على الرغم من انتهائها في 2013، إلا أن الأثر الناجم عنها امتد إلى عام 2015، و2016، حيث كانت تلك الفترة تشهد حالة من عدم الاستقرار السياسي، وكذلك عدم الاستقرار الاقتصادي، وحتى يتمكن القطاع الخاص من الثقة مرة أخرى في المنظومة، يستغرق ذلك وقت.

وأضاف أنه خلال هذه الفترة تم تمرير مشروعات كثيرة للطرح، ولكن لم يتم طرحها آنذاك، نظرا لارتفاع المخاطر في هذه الفترة، لذا تم تخطي هذه الفترة من خلال العبور بمجموعة مشروعات، من أهمها الزخم الكبير الذي شهدته محطات الطاقة الشمسية ومحطات طاقة الرياح، ومنها بنبان، لافتًا إلى أنه قد تم توقيع 39 عقد بدءً من 2015، وحتى عام 2017، علمًا بأنهم قد دخلوا الخدمة منذ 5 أو 6 سنوات.

وقال إنه قد تم البدء في الموانئ الجافة بعد ذلك، وبعض الأرصفة والموانئ البحرية في شرق بورسعيد ودمياط، ذلك فضلا عن المحطات في سفاجا والعين والسخنة، إلى جانب موانئ اسكندرية والدخيلة، كاشفًا عن أنه جاري التفكير حاليًا في ميناء "الماكس".

ونوه حنورة إلى أهمية المشاركة مع القطاع الخاص بنظام "بي بي بي"، والتي تكمن في تحويل الدولة من مقدم الخدمة إلى منظم ومراقب للخدمة، وذلك هو الدور الأساسي للدولة، مضيفًا أنه يجب أن يضم الجهاز الإداري للدولة كوادر قادرة على إدارة العقد، وليس إدارة المشروع، موضحًا أن إدارة العقد يعد بمثابة مهمة جديدة أنشأتها العقود طويلة الآجل وعقود المشاركة.

ينبغي ابتكار آليات تمويل حديثة لدعم المشروعات

من ناحيته أكد أيمن الصاوي، الرئيس التنفيذي لشركة بُكرة، أهمية تطوير وابتكار آليات تمويل حديثة لدعم المشروعات، مشيرًا إلى أن التحدي الحقيقي لا يكمن في إتاحة التمويل، وإنما في تحديد المخاطر بشكل واضح وتوافر الدراية الفنية اللازمة لإدارة هذه المشروعات بكفاءة.

وأوضح  الصاوي أن شركة بُكرة نجحت في ابتكار أدوات استثمارية وإدخارية جديدة لتمويل المشروعات، من خلال الأفراد والشركات والصكوك، بما يسهم في توسيع قاعدة المشاركة المجتمعية في تمويل الاقتصاد.

وأضاف أن الشركة تمكنت، لأول مرة، من إتاحة الاستثمار في الصكوك أمام نحو 7500 مستثمر، مع تحقيق عوائد مجزية لهم، وهو ما يعكس تزايد ثقة المستثمرين في هذه الأدوات التمويلية.

وشدد الصاوي، على أهمية  تنويع مصادر التمويل، وتوسيع استخدام الأدوات المالية غير التقليدية، بما يدعم النمو المستدام ويخفف الضغط عن أدوات الدين الحكومية التقليدية، وذلك لتحقيق التنافسية الاقتصادية.

وأكد أنه قد تم إصدار صكوك قيمتها 3 مليار جنيه لصالح شركة تقوم بتمويل المشروعات الصغيرة، مؤكدًا أنه بمجرد الإعلان عن هذا الأمر تم استقطاب 7500 مستثمر جديد، يقومون بالاستثمار في الأوراق المالية المقيدة في البورصة.

وأوضح أن الفكرة في شركة بكرة تتمثل في تمكين صغار المستثمرين الراغبون في استثمار أموالهم والحصول على عائد، وتمويل مشروعات، مشيرًا إلى أن الثقة تأتي في مقدمة المرتكزات التي يتم الاستناد عليها في اتخاذ القرار الاستثماري، يليها في ذلك الالتزام والوضوح.

وشهد المؤتمر السنوي السابع لجريدة حابي، والذي عُقد تحت عنوان "تنافسية الاقتصاد المصري"، العد التنازلي لأهداف 2030 بحضور وزير المالية أحمد كوجك والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والمهندس محمد شيمي وزير قطاع الأعمال،  بالإضافة إلي نخبة من صُنّاع القرار وقادة الأعمال وخبراء الاقتصاد.

اخبار مشابهة