آراب فاينانس: يعد الاستثمار في الذهب أحد الملاذات الآمنة للتحوط من تقلبات السوق وارتفاع معدلات التضخم، وتتجه الدولة حاليًا لإنشاء مزيد من صناديق الاستثمار في الذهب حيث تمثل صناديق الاستثمار فى الذهب، التى أطلقتها هيئة الرقابة المالية المصرية، وعاء استثمارياً للاستثمار فى المعدن الأصفر، من خلال طرح وثائق يتم الاكتتاب فيها من خلال شركات مرخص لها بذلك.
وأعلن رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، الأسبوع الماضي أن الحكومة تعمل على إعداد مشروع قانون جديد لتنظيم الاستثمار في صناديق الذهب وتداولها، باعتبارها سوقًا واعدة.
وأطلقت هيئة الرقابة المالية أول صندوق للذهب في مايو 2023، باسم صندوق " AZ-Gold"، "أي زد - جولد"، كما تم إطلاق الصندوق الثاني في يناير 2024، وهو صندوق بلتون إيفولف للاستثمار في الذهب "سبائك"، وتم إطلاق صندوق ثالث للاستثمار في الذهب خلال يونيو 2024، وهو صندوق استثمار شركة الأهلي لإدارة الاستثمارات المالية.
والسؤال هنا ما المزايا التي يتمتع بها المستثمر في صناديق الذهب مقارنة بالاستثمار التقليدي والتي تدفعه لتغيير مسار استثماراته من الطرق التقليدية للطرق الذكية؟
الاستثمار في صناديق الذهب مناسب أكثر للشركات والمؤسسات
من جانبه قال المهندس هاني ميلاد، رئيس شعبة الذهب بالاتحاد العام للغرف التجارية، ورئيس مجلس إدارة شركة جوايو للمجوهرات، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن الاستثمار في صناديق الذهب الاستثمارية يناسب أكثر الشركات والمؤسسات المالية مقارنة بالأفراد حيث يمكن لهذه الشركات أن تحتفظ بأسهم داخل الصندوق مقومة بالذهب، وذلك لمواجهة الارتفاع في معدلات التضخم.
وأوضح ميلاد أن الاستثمار في صناديق الذهب سيكون مناسبًا للشركات لأنها القادرة على تحمل رسوم وأعباء مالية يفرضها صندوق الاستثمار في الذهب عند كل حركة تداول بخلاف الأفراد الذين قد لا يكونوا قادرين على تحمل مثل هذه الرسوم عند رغبتهم في الاستثمار في صناديق الذهب. كما أن ملائتهم المالية أقل من الشركات والمؤسسات المالية، لذلك يعد الاستثمار التقليدي في الذهب من خلال شرائه والاحتفاظ به أنسب لهم.
وأكد ميلاد أن الذهب يعد مخزن للقيمة وأداة استثمارية وادخارية في ذات الوقت، وهو أفضل من الاحتفاظ بالنقود دون استثمار في جميع الأحوال نظرًا لعوامل التضخم التي تحدث مع مرور الوقت وانخفاض قيمة العملة.
ثقافة الغالبية من المصريين تفضل الطرق التقليدية للاستثمار في الذهب
ومن جانبه قال أمير رزق، الخبير في صناعة الذهب، إن ثقافة الغالبية من المصريين لاتزال تفضل الاستثمار بالطرق التقليدية من خلال الاحتفاظ بالذهب وشرائه وبيعه عبر طرق عادية، حيث لا يفضل البعض التداول والبيع والشراء للذهب عبر صناديق الاستثمار والطرق الذكية.
وتوقع رزق ارتفاع أسعار الذهب في نهاية العام المقبل ليصل سعر جرام الذهب عيار 21 لأكثر من 5000 جنيه بدلًا من 4545 جنيهًا حاليًا، وعلى المستوى العالمي متوقع له أن يصل لـ 5000 دولار للأونصة بدلًا من 3343 دولارًا حاليًا، وبالتالي هناك مؤشرات جيدة توضح أن الذهب سيرتفع خلال الفترة المقبلة.
من جانبه قال الدكتور عز الدين حسانين أستاذ التمويل والاستثمار والخبير المصرفي إن صناديق الاستثمار في الذهب تعد أحد أنواع المشتقات المالية للتحوط من عوامل التضخم عبر شراء سندات وأسهم في هذه الصناديق، حيث يحتفظ من يساهم في هذه الصناديق بوثيقة تثبت ملكيته للأسهم أو السندات في الصندوق ويمكنه البيع والشراء عبر آليات محددة للتداول.
وأضاف حسانين أنه في ظل الأزمات العالمية المتتالية فإن هناك مؤثرات على كل من الذهب والدولار حيث يتأثر كليهما بتلك المؤثرات بالارتفاع والانخفاض، مشيرًا إلى أن الاستثمار في الذهب يناسب أكثر المؤسسات المالية الكبيرة، لافتًا إلى أنه قد يكون مناسب الاستثمار في صناديق الذهب حاليًا خاصة مع تراجع الجاذبية نحو الاستثمار في الدولار.
وتعد صناديق الذهب حديثة العهد في السوق المصرية، حيث يبلغ عدد الصناديق المرخصة ثلاثة، فيما ارتفع صافي أصولها إلى 2.5 مليار جنيه، ووصل عدد حسابات العملاء إلى 222 ألف حساب حتى يوليو 2025، وفق بيانات الهيئة العامة للرقابة المالية، المسؤولة حالياً عن إصدار التراخيص والإشراف الرقابي.
وكان رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مبدولي قد صرح بأن تجربة إنشاء صناديق الاستثمار في الذهب، تأتي ضمن جهود الدولة الرامية إلى بناء قطاع مالي غير مصرفي متطور، وتمثل خطوة مهمة في سبيل تعزيز الشمول المالي والاستثماري في مصر، باعتبار أن هذه الصناديق تهدف إلى توفير بيئة استثمارية آمنة وفرص إدخارية متنوعة تلبي احتياجات مختلف فئات المجتمع، كما أنها تتيح للمستثمرين شراء وثائق تُستخدم للاستثمار في الذهب عبر البنوك والشركات المرخصة.
ووفق تقرير لـ مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، صدر يوليو الماضي فإن السوق المصرية قد شهدت تحولًا في أنماط الطلب على الذهب، إذ انتقل من كونه وسيلة ادخارية تقليدية إلى أداة استثمارية منظمة، نظرًا للظروف الاقتصادية المحلية، وتزايدت مكانة الذهب كملاذ آمن، ومن خلال طرح صناديق استثمار في الذهب بالبورصة المصرية في 2023، اتخذت الدولة خطوات لدمج الذهب في الأدوات المالية الرسمية، مع وضع إطار قانوني وتنظيمي يضمن حماية المستثمرين، ويخلق بيئة جاذبة للاستثمار في المعادن النفيسة.
وأوضح التقرير أن استحداث صناديق الاستثمار في الذهب داخل البورصة المصرية يمثل خطوة مهمة نحو تطوير وتعميق سوق المال، وتوفير قنوات استثمارية جديدة ومتنوعة للمستثمرين. ولضمان سلامة وكفاءة عمل هذه الصناديق، وحماية حقوق المستثمرين، كان لزامًا على الدولة المصرية وضع إطار قانوني وتنظيمي مُحكم يُنظم آليات عملها، ويحدد مسؤوليات الأطراف المعنية.
وأكد التقرير أن السوق المصرية قد شهدت في الآونة الأخيرة توجهًا استراتيجيًّا من الدولة نحو تنويع الأدوات الاستثمارية وتعزيز دور القطاع المالي غير المصرفي وتغيرات سعر الصرف التي دفعت الكثيرين للبحث عن أدوات تحوط فعّالة، كما يتماشى طرح صناديق الذهب مع رؤية الدولة لتعميق الشمول المالي وتعزيز الثقة بالقطاع المالي الرسمي عبر توفير منتجات استثمارية تتسم بسهولة الوصول والقدرة على جذب شرائح مختلفة من المواطنين وخاصة صغار المستثمرين.
أشار التقرير إلى أن صناديق الذهب في مصر حققت نموًا قويًّا في 2024، حيث ارتفع عدد العملاء خلال هذا العام من 79 ألفًا في يناير 2024 إلى 166 ألفًا في ديسمبر 2024، بينما زادت الأصول المدارة بنسبة 56% تقريبًا لتبلغ 1.3 مليار جنيه في ديسمبر 2024 مقارنة بـ 836 مليون جنيه في يناير 2024، ما يعكس تزايد ثقة المستثمرين بهذه الأداة المالية.
وأوضح التقرير أنه على مستوى الأداء التفصيلي لكل صندوق خلال 2024، تصدّر صندوق AZ-Gold المشهد بصافي أصول بلغت نسبته حوالي 74% من الإجمالي، حيث تجاوزت أصوله 970 مليون جنيه في ديسمبر 2024 مقارنة بـ 727 مليون جنيه في مايو 2024، مسجلًا نموًا ملحوظًا في قاعدة عملائه من 114 ألفًا في مايو 2024 إلى 165 ألفًا في ديسمبر 2024. ويُظهر هذا التوسع إقبالًا متزايدًا من المستثمرين على الذهب كأداة للتحوط وتنويع المحافظ الاستثمارية.
أما صندوق "سبائك"، فقد حقق أداءً قويًّا بصافي أصول تجاوز 298 مليون جنيه في ديسمبر 2024 مقارنة بـ 57 مليونًا في مايو 2024، وعدد عملاء بلغ 572 عميلًا في ديسمبر 2024 مقارنة بـ 43 عميلًا في مايو 2024 وفيما يتعلق بأداء صندوق شركة الأهلي لإدارة الاستثمارات المالية "ذهب"، ارتفعت صافي أصوله من 31.4 مليون جنيه في يوليو 2024 إلى 39.7 مليون جنيه في ديسمبر2024 كما تضاعف عدد العملاء الجدد خلال نفس الفترة من 31 عميلًا فقط في يوليو 2024 إلى 115 عميلًا بنهاية العام، مما يؤكد تزايد جاذبية صناديق الذهب كخيار استثماري آمن في ظل الأوضاع الاقتصادية المتقلبة.