سيناريوهات تطور أسعار الذهب في ظل صعوده لمستويات غير مسبوقة

أخر تحديث 2025/10/19 03:42:00 م
سيناريوهات تطور أسعار الذهب في ظل صعوده لمستويات غير مسبوقة

آراب فاينانس: شهدت أسعار الذهب تراجعًا في ختام التعاملات الأسبوعية بنحو 100 دولار للأوقية مسجلًا 4251 دولارًا، وذلك بعد أن حقق المعدن الاصفر مستويات غير مسبوقة حيث وصل سعر الأوقية لنحو 4350 دولارًا.

وعلق الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي على ارتفاع أسعار الذهب قائلًا: إن سعر الذهب هو سعر عالمي، ويزيد في العالم كله كسلعة ولا يمكن لأحد أن يتدخل فيه، وهناك مستويات قياسية لم تشهدها كل الدول وهذا الأمر مرتبط بحالة عدم اليقين والثبات في العالم كله.

وأشار رئيس الوزراء إلى أننا أمام أزمة اقتصادية عالمية وليس في مصر فقط، فالعالم كله في حالة من الضبابية الشديدة، حيث يلجأ الجميع للحفاظ على قيمة الأموال في الذهب وهذا توجه عالمي في العالم كله، مما يزيد سعره في العالم كله، وسعر الذهب في مصر مرتبط بالسعر العالمي.

ورفع بنك "جولدمان ساكس" توقعاته لسعر الذهب في عام 2026 إلى 4900 دولار للأوقية بينما رفع بنك أوف أمريكا توقعاته لأسعار المعادن الثمينة، مرجحًا أن يصل سعر الذهب إلى 5000 دولار للأوقية في عام 2026.

أسباب ارتفاع سعر الذهب

من جانبه قال الدكتور حسين العسيلي، الخبير الاقتصادي، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن ارتفاع سعر الذهب لم يعد مجرد انعكاس لتقلبات الأسواق أو تحركات المضاربين، بل أصبح تعبيرًا صادقًا عن تحولات أعمق في بنية الاقتصاد العالمي، وعن حالة من القلق تمتد من البنوك المركزية إلى المستثمرين الأفراد، فالذهب اليوم لا يلمع فقط كسلعة نفيسة، بل كرمز للثقة في وقت تتراجع فيه مكانة العملات الورقية وتضعف فيه يقينية النظام النقدي الدولي.

وأضاف العسيلي أن أهم أسباب ارتفاع سعر الذهب هو وجود مزيج من المخاوف التضخمية مع بقاء العوائد الحقيقية على الأصول التقليدية في المنطقة السلبية، مما يدفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذ يحافظ على القوة الشرائية للأموال فضلًا عن تزايد مشتريات البنوك المركزية في أنحاء العالم، وهو اتجاه يعكس رغبتها في تنويع احتياطياتها بعيدًا عن العملات الأجنبية القوية، تحقيقًا لمزيد من الاستقلال والسيادة المالية.

وأوضح العسيلي، أن البعد الأخر لارتفاع سعر الذهب يرجع إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية والخشية المتزايدة من تجميد أو مصادرة الأصول المقومة بالدولار أو باليورو، وهو ما جعل الذهب ملاذًا آمنًا لا يخضع لإرادة دولة بعينها، وبذلك، يمكن القول إن صعود الذهب اليوم ليس مجرد ارتفاع في الأسعار، بل إشارة عميقة إلى تغيّر موازين الثقة والهيمنة في النظام المالي العالمي.

وحول العلاقة الوطيدة بين كل من سعر الذهب وسعر الفائدة يوضح العسيلي أن العلاقة تاريخيًا بين الطرفين هي علاقة عكسية، فعندما يضعف الدولار تُصبح الأوقية أرخص للعملاء بعملات أخرى فيشترون أكثر فتصعد الأسعار، والعكس صحيح، لكن التطور الأهم حديثًا هو أن الذهب يتفاعل أقوى مع العوائد الحقيقية من تفاعله مع سعر الصرف فقط، أي أن ضعف الدولار يمكن أن يدعم الذهب، لكن إن كان ضعف الدولار مصحوبًا بتوقعات نمو قوية وارتفاع حقيقي في العوائد فقد لا يصعد الذهب، بالعكس، إذا ضعف الدولار بسبب سياسات نقدية توسعية أدّت إلى خفض العوائد الحقيقية فقد يدعم ذلك الذهب فعلًا.

وأكد العسيلي أن قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض سعر الفائدة له تأثيره المباشر وغير المباشر على الذهب، ولكن هذا التأثير يختلف بحسب الظروف الاقتصادية المصاحبة، فإذا تم خفض الفائدة لأن الاقتصاد يعاني ضعفًا حادًا أو تلوح من بعيد مخاوف ركود، فإن المستثمرين يتجهون إلى الذهب بوصفه ملاذًا آمنًا يحافظ على القيمة، وبالتالى يرتفع سعره، أما إذا جاء الخفض في سياق تحسن الثقة في الأسواق أو انخفاض توقعات التضخم، فإن الطلب على الذهب يتراجع لأن المستثمرين يعودون إلى الأصول ذات العائد مثل الأسهم والسندات، فينخفض سعر الذهب أو يستقر.

حالة عدم اليقين تؤثر على أسعار الذهب

من جانبه قال الدكتور هشام حمزة، الخبير المالي والمصرفي، إن أحد أهم أسباب ارتفاع سعر الذهب يرجع إلى حالة عدم اليقين والتأكد السائدة حاليًا سواء في مصر أو أمريكا فضلًا عن تراجع سعر الفائدة في كلا البلدين والذي يؤدي بالطبع لتوجه الاستثمارات نحو الذهب، كمخزن للقيمة وملاذ آمن للاستثمار.

وأضاف حمزة أنه نتيجة السياسات الاقتصادية الأمريكية بعد تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي تستهدف تقوية الدولار حتى ولو على حساب العالم كله، بدأت تظهر تكتلات اقتصادية في مواجهة الدولار مثل تكتل دول البريكس للتقليل من الدولار كوسيط تجاري وهو ما سيؤدي لتراجع سعر صرف الدولار مقابل العملات الأخرى حتى ولو على المدى الطويل، وهو ما أدى إلى اللجوء للبديل الأفضل، وهو الاستثمار في الذهب كاستثمار طويل الأجل.

وأشار حمزة إلى أن معظم دول العالم تحاول التخلص تدريجيًا من هيمنة الدولار كوسيط للتبادل التجاري، من خلال لجوء البنوك المركزية لشراء الذهب كاحتياطي وهو ما أدى أيضًا لارتفاع سعره نتيجة الإقبال الكبير عليه.

وتوقع حمزة أن تكون حركة سعر الذهب خلال الفترة المقبلة ما بين استقرار وارتفاع حيث سترتبط زيادة أسعار الذهب بسعر الفائدة والظروف الجيوسياسية إذ إنه في حالة استقرار الأوضاع سيستقر الذهب، ثم يبدأ في الهبوط تدريجيًا.

من جانبه قال هاني ميلاد، رئيس شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالقاهرة في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن أسعار الذهب تتخطى يوميًا أرقامًا قياسية حيث تزيد بمعدل يتراوح من 50 إلى 100 دولار يوميًا، وهذه الزيادات غير مسبوقة ويشهدها الذهب للمرة الأولى في تاريخه.

وأضاف ميلاد أن سعر الأوقية عالميًا تجاوز 4350 دولارًا، وفي مصر حقق سعر الذهب عيار 21 مستويات مرتفعة للغاية، ووصل سعره إلى 5700  جنيهًا للجرام.

وأوضح ميلاد، أن الارتفاع المتتالي لأسعار الذهب خلال الأيام الماضية يرجع للإقبال الكبير من جانب البنوك المركزية لشراء كميات كبيرة من الذهب خاصة البنك المركزي الصيني الذي يتحوط بعمليات شراء ضخمة من الذهب، فضلًا عن إقبال كبار المستثمرين على شرائه.

وتوقع ميلاد وصول سعر الذهب عالميًا مع بداية العام المقبل، إلى 4900 دولار للأوقية، لافتًا إلى أن الاقتصاد العالمي ليس في أفضل أحواله الآن نتيجة وجود مؤشرات وبوادر للركود الاقتصادي والتضخم، وحالة عدم اليقين، وعدم الوضوح التي جعلت الكثير من المستثمرين يتجهون للاستثمار في الذهب كملاذ آمن.  

الموافقة على خطة السلام الأمريكية ستنعش الاقتصاد لكنها لن تخفض سعر الذهب

من جانبه أكد أمير رزق، الخبير في صناعة الذهب، أن سعر الذهب في مصر لن ينخفض خلال الفترة المقبلة خاصة أنه مرتبط بالأسعار العالمية الآخذة في الارتفاع، لافتًا إلى أن مصر ستشهد تحسن ملموس في الاقتصاد بفعل الهدوء والاستقرار المحيط بالمنطقة بعد الموافقة على خطة السلام الأمريكية في غزة مؤكدًا أنه سيحدث انتعاش اقتصادي في الاستثمارات المباشرة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس نتيجة استثمارات ضخمة ستوجه لتلك المنطقة من جانب عدة دول أبرزها الصين وأمريكا وتركيا، لكنه أكد أن هذه الاستثمارات المباشرة ربما يكون لها تأثير على خفض سعر الدولار في مصر لكنه لن يكون لها تأثير على تراجع سعر الذهب مع التوقعات بارتفاع سعر الذهب عالميًا.

وتوقع رزق ارتفاع سعر الذهب ليصل سعر الجرام عيار 21 لـ 6000 جنيه مع نهاية العام الجاري، لافتًا إلى أن التوقيت الحالي هو توقيت مثالي لشراء الذهب وليس البيع إلا للضرورة.

وأوضح رزق، أن ارتفاع سعر الذهب يرجع للإقبال الشديد على شراء الذهب منوهًا بأن البنك المركزي الصيني قام بشراء ذهب بقيمة 3 تريليون دولار من إجمالي احتياطي نقدي لديه 13 تريليون دولار، وهو ما يشير لأهمية التحوط بالذهب خلال تلك الفترة التي تتسم بعدم اليقين الاقتصادي.

وارتفع رصيد الذهب لدى البنك المركزي المصري إلى نحو 4.141 مليون أوقية بنهاية شهر سبتمبر 2025، مقارنةً بنحو 4.134 مليون أوقية في أغسطس الماضي، وفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي.

وأظهرت البيانات أن إجمالي قيمة الذهب المدرج ضمن احتياطي النقد الأجنبي صعد إلى 15.84 مليار دولار بنهاية سبتمبر، مقابل 14.088 مليار دولار في نهاية أغسطس.

كما ارتفع إنتاج الذهب من منجم السكري في مصر بنسبة 9% خلال النصف الأول من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، ليصل إلى 246 ألف أوقية، مقابل 225 ألف أوقية في النصف الأول من العام الماضي، بحسب نتائج أعمال شركة أنجلو جولد أشانتي.

وسجل إنتاج المنجم خلال الربع الثاني من العام 129 ألف أونصة مقارنة بـ120 ألف أوقية في نفس الفترة من 2024. 

واستثمرت شركة أنجلوجولد في منجم السكري نحو 125 مليون دولار، تشمل 69 مليون دولار نفقات متعلقة بالصيانة و56 مليون دولار نفقات رأسمالية أخرى.

 

اخبار مشابهة