آراب فاينانس: تمتلك مصر العديد من المقومات، والفرص في مجال سياحة المؤتمرات والمعارض التي تؤهلها لتكون مركز إقليمي ودولي لمثل هذه النوع من السياحة في الوقت الذي تواجه فيه العديد من التحديات أبرزها منافسة بعض الدول المجاورة لها في هذا المجال مثل تركيا والإمارات.
فرص مصر في مجال سياحة المؤتمرات
من جانبه قال أحمد الطيبي، عضو مجلس النواب، ووكيل لجنة السياحة والطيران المدني بالمجلس، في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن مصر تمتلك الكثير من الفرص والمقومات في مجال سياحة المؤتمرات والمعارض، خاصة مع الاستقرار الأمني التي تحظى به، والقدرات التنظيمية لمثل هذا النوع من السياحة التي تتمتع بها مصر، فضلا عن البنية التحتية السياحية من مطارات وطرق وفنادق مجهزة لاستقبال السائحين، والزائرين والمشاركين في هذه المعارض.
وأضاف الطيبي، أن مصر لها خبرة كبيرة في مجال تنظيم المؤتمرات والمعارض تمتد لعشرات السنين، وقد سبق وأن أشرفت بنفسي على مؤتمر طبي شارك به 200 طبيب عالمي، وكان من أنجح المؤتمرات في هذا المجال مشيرًا إلى أن مصر تتمتع بمناخ ممتاز، ومناسب طوال العام. كما يوجد في مصر العديد من المدن السياحية التي تجذب المنظمين لمثل هذه المؤتمرات والمعارض مثل مدينة شرم الشيخ فضلا عن الساحل الشمالي وساحل البحر الأحمر الذي تنظم على ضفافه العديد من المعارض، والمؤتمرات. كما تتمتع مصر بموقع جغرافي مميز وقريب من أوروبا وأفريقيا وأسيا.
وأوضح الطيبي، أن معظم المشاركين في المعارض والمؤتمرات في مصر يقومون ببعض الأنشطة السياحية من زيارات لمتاحف ومدن ساحلية وغيرها من أنواع الأنشطة السياحية المختلفة على هامش مشاركتهم في المؤتمرات والمعارض التي يتم تنظيمها في مصر.
بينما يؤكد الدكتور أشرف عرفات، الخبير السياحي الدولي أن مصر ونتيجة العلاقات السياسية والاقتصادية التي تجمعها وكافة دول العالم وبفضل الجهود الدبلوماسية للقيادة المصرية تقام العديد من المؤتمرات الدولية على أراضيها، ومن أبرز هذه المؤتمرات مؤتمر المناخ كوب 27 ، والذي نظمته مصر وحضره نحو 185 من رؤساء وممثلي حكومات العالم والمنظمات الدولية.
وأضاف عرفات أن المقصد السياحي المصري من المقاصد الشهيرة، والتي تحظى بثقة العديد من السائحين حول العالم نتيجة بنيتها التحتية المؤهلة لاستقبال المؤتمرات، والمعارض الدولية فضلًا عن سهولة الإجراءات الإدارية للحصول على تأشيرات دخول البلاد. كما تعد مصر حاليًا لحدث كبير، وهو افتتاح المتحف المصري الكبير، وهو حدث ثقافي عالمي ضخم تعد له الدولة المصرية مشيرًا إلى أن المتحف المصري الكبير يعتبر من أفضل المتاحف على مستوى العالم منوهًا بأن افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون له أثر كبير في إلقاء الضوء على إمكانات مصر السياحية.
وأوضح عرفات أن مصر نظمت العديد من المؤتمرات الدولية التي أثبتت نجاحها مثل مؤتمر إيديكس للصناعات والدفاعات العسكرية كما تنظم سنويًا معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي يحضره العديد من العارضين من معظم دول العالم من أمريكا وأوروبا وأسيا وأفريقيا واستراليا فضلا عن ضيف شرف المعرض الذي يكون من هذه الدول سنويًا.
وأشار خبير السياحة الدولي أن العالم كله يتذكر زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر، ولقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي بمنطقة خان الخليلي وسط القاهرة، وهى رسالة للعالم كله باحترام مصر للثقافات الأخرى وبالاستقرار الأمني الذي تحظى به رغم الاضطرابات المحيطة بالمنطقة.
التحديات التي تواجه سياحة المؤتمرات في مصر
وحول التحديات التي تواجه مصر في هذا القطاع قال عرفات إن هناك العديد من الدول التي تنافس مصر في هذا المجال مثل تركيا والإمارات، مشيرًا إلى أن مصر مؤهلة بقوة لتحتل مكانة كبيرة، وتنافس بقوة في هذه الصناعة "صناعة سياحة المؤتمرات والمعارض" لما تتمتع به من مقومات سياحية ومدن جديدة وبنية تحتية، فضلا عن عنصر الاستقرار الأمني، وكلها مقومات جاذبة لإقامة المعارض والمؤتمرات الدولية على الأرض المصرية.
وأوضح عرفات، أن معظم المشاركين في المؤتمرات والمعارض الدولية قد يرغبون في زيارة المدن الأثرية مثل الأقصر وأسوان والساحلية مثل شرم الشيخ والعلمين والغردقة وغيرها من المدن الجاذبة والتي تتمتع بمقومات سياحية كبرى.
وأكد عرفات، أن مثل هذه الأنشطة السياحية تضيف لمصر وللاقتصاد المصري من خلال زيادة العملة الصعبة وتوفير فرص العمل، وقد اتجهت الدولة مؤخرًا لزيادة الاستثمار في مجال البنية التحتية السياحية وزيادة الغرف الفندقية خاصة مع الطفرة المتوقعة لأعداد السائحين في مصر بعد افتتاح المتحف المصري الكبير، ومع التوجه نحو تنفيذ استراتيجية مصر 2030 التي تستهدف الوصول بعدد السائحين لنحو 30 مليون سائح، وإجمالي إيرادات سياحية تصل لـ 30 مليار دولار خلال 5 سنوات فإن الأمر يتطلب زيادة عدد الفنادق والطاقة الاستيعابية لها، مع زيادة الطاقة الاستيعابية للمطارات المصرية مشيرًا إلى أن مصر تحاول مواكبة التطور في مجال السياحة، وقد أنشئت مصر مطارات مختلفة مثل مطار سفنكس ومطار العلمين ومطار مطروح لتخفيف الضغط على مطار القاهرة الدولي.
وتوقع عرفات أن تشهد مصر انتعاشة اقتصادية في مجال السياحة وارتفاع عدد السائحين والذي وصل حاليا لنحو 15.7 مليون سائح.
شرم الشيخ وجهة عالمية لتنظيم المؤتمرات الدولية
من جانبه قال حمزة عنبي، عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية لـ آراب فاينانس إن مصر تعد مركز عالمي يحمع بين التاريخ والطبيعة الساحرة فضلا عن السياحة الثقافية التي تتمتع بها كما تتمتع بموقع جغرافي يتميز بسهولة الوصول سواء من أوروبا أو أسيا أو أفريقيا.
وأضاف أن مصر تنظم مؤتمرات دولية سنوية مثل المؤتمر الدولي للصحة والمؤتمر الدولي للاتصالات والمؤتمر الاقتصادي المصري والذي يبحث جذب فرص الاستثمار لمصر، وتعد مدينة شرم الشيخ مركزًا ووجهة لتنظيم المؤتمرات الدولية لما تتمتع به من مقومات ساحرة من حيث الطبيعة أو القدرة على التنظيم والبنية التحتية من فنادق وغيرها من المقومات السياحية المختلفة.
معوقات تعزيز سياحة المؤتمرات في مصر
ووفق ورقة بحثية هامة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء حصل آراب فاينانس عليها فإن من أبرز معوقات تعزيز سياحة المؤتمرات في مصر هو وجود إجمالي 2450 رخصة لشركات سياحية في مصر يتصف رقمها بأنه أقل بكثير من مثيله في دولة سياحية أخرى مثل تركيا، والتي لديها 13000 شركة سياحية مرخصة، وأنه ثابت لم يزد على مدار 15 سنة، وأنه تم إيقاف منح التراخيص لإنشاء شركات سياحية جديدة منذ عام 2007.
وحسب الورقة البحثية فإن الـ 2450 شركة سياحة مصرية يتضمن 200 شركة فقط أي ما نسبته 8% فقط هى شركات جالبة للسياحة وبالتالي للعملة الأجنبية من الخارج إلى مصر، والباقي 2250 شركة سياحية بنسبة 92% تقريبًا هى شركات مصدرة للسياحة، وبالتالي للعملة الأجنبية خارج مصر في صورة خدمات سياحة الحج والعمرة، وهذا يعني أن حصيلة 12 مليون سائح تحققت عام 2022 هى حصيلة غير موزعة بعدالة نتيجة سيطرة من 10 إلى 20 تقريبًا من الشركات السياحية المرخصة في سوق السياحة المصرية على 80 إلى 90% من السوق، وما تفرضه هذه السيطرة من سلوكيات وإجراءات تنافسية سعرية واجتماعية ونفسية تدمر البنية الأساسية السياحية المصرية متمثلة في الإمكانات المهولة للفنادق ورحلات الطيران والحجوزات وغيرها، وتفتح الباب واسعًا لسوق سياحية موازية كبيرة تخرج عن الحصيلة الرسمية للعائدات الأجنبية من هذا القطاع للدولة.
ونوهت الورقة البحثية أيضًا إلى تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يؤكد أن نشاط المحلات السياحية المقدمة للمنتجات والخدمات المساندة والداعمة لسياحة المؤتمرات من مأكولات ومشروبات شعبية ومصوغات التراث الشعبي ومشغولات يدوية وأزياء وألعاب وبازارات، وغيرها يحقق دخلًا من العملة الأجنبية يصل إلى نصف مليار دولار سنويًا ومع ذلك لا تصل إلا 3% (15 مليون دولار) تقريبًا للدولة، والباقي 97% (485 مليون دولار) يتم تداوله في السوق السياحية الموازية حيث يصل عدد هذه المحلات إلى 9000 محل، المقيد منها 240 محلًا فقط بالاتحاد المصري للغرف السياحية.
يذكر أن مصر استضافت مؤخرًا أول بورصة سياحية دولية باسم بورصة البحر المتوسط ، والمؤتمر الدولي الأول للبحر المتوسط لسيدات الأعمال ، ومؤتمر اتحاد شركات ومنظمات السياحة لدول أمريكا اللاتينية كوتال، ومؤتمر الاتحاد العام لوكلاء السفر وشركات السياحة الإيطالية (الفيافيت) بالأقصر. كما نجح مركز المؤتمرات في جذب عدة شركات دولية لتنظيم المعارض مثل شركة IIP الإنجليزية وشركة FAIRTRADE الألمانية، بالإضافة إلي تنظيم معرض للمنتجات الفرنسية ومعرض التكنولوجيا الألمانية.
كما استضافت مصر خلال عام 2022 قمة المُناخ في شرم الشيخ، التي أصبحت مركزًا عالميًا بارزًا للمؤتمرات الدولية حيث شهدت القمة العديد من اللقاءات المهمة بين قادة وزعماء العالم، ودارت على طاولتها الكثير من المفاوضات بين الدول الأطراف في مؤتمر المُناخ، كما عُقدت سلسلة من الجلسات النقاشية حول قضايا البيئة والمُناخ، وعرضت الكثير من المشروعات والمبادرات والأعمال الفنية الصديقة للبيئة.
وكانت قمة COP27 بمدينة شرم الشيخ محطًا لأنظار وسائل الإعلام الدولية، حيث سجلت لحضور القمة 3.350 ممثلًا لحوالي 1.306 مؤسسة إعلامية، ويعد ذلك ثاني أكبر عدد لممثلي الإعلام المشاركين في المؤتمرات السابقة، حيث كان أكبر تمثيل لوسائل الإعلام بقوام 3.712 شخص في COP3 بمدينة كيوتو في اليابان عام 1997.
كما بدأت الدولة أيضا في الاهتمام بإقامة بعض المؤتمرات والمهرجانات الدولية في المدن الجديدة حيث أقيم خلال عام 2024 مهرجان العلمين بمدينة العلمين الجديدة فضلًا عن إقامة العديد من المؤتمرات بالساحل الشمالي، وهو ما ساهم في إنعاش الموسم السياحي وامتداده كوجهة مستدامة طوال العام كما شهدت مدينتي العلمين والساحل الشمالي أعلى نسب الإشغال الفندقي خلال نهاية العام الماضي 2024. كما أعلن رئيس الوزراء خلال نهاية العام الماضي عن مشروع ساوث ميد في منطقة الساحل الشمالي الغربي، بشراكة استثمارية جديدة بين الحكومة والقطاع الخاص إذ توقع رئيس الوزراء أن يكون هذا المشروع جنباً إلى جنب مع مشروع رأس الحكمة وما يتم تنفيذه في مدينة العلمين الجديدة من مشروعات ضخمة جاذباً للملايين من السائحين الأجانب من مختلف دول العالم.