آراب فاينانس: تستعد مصر حاليًا لاستقبال بعثة صندوق النقد الدولي تمهيدًا لإجراء المراجعتين الخامسة والسادسة للاقتصاد المصري مما قد يوفر نحو 2.5 مليار دولار.
وحسب بيان للبعثة فإنه "مع استقرار الاقتصاد الكلي الجاري حاليًا، من الضروري أن تُجري مصر إصلاحات أعمق لإطلاق العنان لإمكانات النمو في البلاد، وخلق وظائف عالية الجودة لأعداد متزايدة من السكان، والحدّ بشكل مستدام من مواطن الضعف، وزيادة قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات".
ومع شروط صندوق النقد الدولي للمراجعتين الخامسة والسادسة ستكون هناك آثار متباينة على الاقتصاد المصري خاصة ما يتعلق بتخفيض الدعم عن المحرقات.. فما هي تلك التأثيرات؟
من جانبها قالت الدكتورة عالية المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة بجامعة القاهرة إن أي ارتفاع في أسعار الوقود، وكذلك الكهرباء سيكون له انعكاسات سلبية على معدلات التضخم وسيؤثر في العديد من القطاعات منها القطاعين الزراعي والصناعي كما سيؤثر على أسعار النقل.
عملية تسريع الطروحات لها جوانب إيجابية
وأضافت المهدي في تصريحات حصرية لـ آراب فاينانس إن عملية تسريع الطروحات لها جوانب إيجابية حيث من المتوقع أن تؤدي إلى حراك في السوق المصري كما ستؤدي لضخ مزيد من النقد الأجنبي حيث من المتوقع أن يكون هناك مستثمرين محليين وأجانب في عملية شراء أسهم هذه الشركات التي ستطرح بالبورصة المصرية وهو ما سيؤدي لتوفير سيولة من النقد الأجنبي.
تراجع دعم الحكومة للوقود
ومن جانبها قالت الدكتورة سهر الدماطي الخبيرة المصرفية إن صندوق النقد يرغب في رفع الدعم الفوري للوقود، ولم يأخذ في الاعتبار أن لكل دولة ظروفها.
وأوضحت الدماطي أن المخصصات الخاصة بالدعم تم تخفيضها من جانب الحكومة في موازنة 2025/2026، بقيمة 75 مليار جنيه، لافتة إلى أنها تتوقع تراجع التضخم عن معدلاته الحالية خلال الفترة المقبلة.
وتترقب السوق المصرية إعادة هيكلة أسعار الوقود "البنزين والسولار وأسطوانات البوتاجاز" خلال الربع الأخير من 2025، وتحديد تعريفة بيع الوقود لمدة 3 أشهر في اجتماع لجنة التسعير المقرر عقده نهاية سبتمبر الحالي.
وشهدت موازنة العام المالي 2025/2026 انخفاضا كبيرا لدعم الوقود ليصل إلى 75 مليار جنيه، مقارنة بالعام المالي السابق البالغ 154.5 مليار جنيه.
وأعلنت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية في مصر، في 11 أبريل 2025، عن رفع أسعار البنزين والسولار والمازوت والبوتاجاز.
ومن المرتقب رفع أسعار الوقود خلال الأيام المقبلة حيث قال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، إن الزيادة المقررة في أسعار الوقود المتوقعة في أكتوبر المقبل، من الوارد أن تكون الزيادة الحقيقية الأخيرة، فيما سيستمر وجود دعم لسعر السولار بعد هذه الزيادة، وبعدها يتم الاحتكام إلى آلية التسعير التلقائي طبقًا لأسعار السوق وسعر خام برنت وسعر الدولار.
وأكدت الدماطي أن شرط صندوق النقد المتعلق بالإسراع في الطروحات الحكومية لعدد من الشركات سيكون له تأثيرات إيجابية على الاقتصاد المصري خاصة ضخ مزيد من العملات الأجنبية للسوق المصري مما يوفر سيولة دولارية مما يساهم في انخفاض العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري.
ينبغي تحوط الشركات من ارتفاع الأسعار المرتقب
بينما قال الدكتور وائل النحاس أستاذ التمويل والاستثمار والخبير الاقتصادي، إن السوق المصري مقبل على ارتفاع أسعار للعديد من المنتجات خلال الفترة المقبلة نتيجة ارتفاع أسعار البنزين المرتقب فضلا عن ارتفاع سعر الكهرباء المتوقع خلال الأيام القادمة، وهى عناصر أساسية في التكاليف لأي مُشغل أو مُصنع، وبالتالي مصر مقبلة على موجة من ارتفاع الأسعار ستؤثر على دخل المواطن الذي عاني حاليًا من التكاليف المتعلقة ببدء الموسم الدراسي، فضلا عن نفقات الصحة والانتقالات وهذه الموجة من ارتفاع الأسعار ستؤدي حتمًا لحالة من الركود بالأسواق.
وأضاف النحاس، أنه ينبغي أن يكون هناك دور للغرف التجارية في مصر من خلال توعية التجار بكيفية التحوط من ارتفاع الأسعار المتوقع، ووضع مخصصات لفروق ارتفاع أسعار الطاقة ومخصصات فروق العملة لمواجهة الارتفاع المتوقع عالميًا في أسعار الوقود وبراميل البترول والتي ستؤدي أيضًا لارتفاع الأسعار.
وحول عملية تسريع الطروحات الحكومية التي يشترطها صندوق النقد الدولي قال النحاس إنه لابد من زيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري وإعطائه فرص أكبر، ولا يعني ذلك الانسحاب الكامل للدولة من الاقتصاد مع ضرورة تقديم حوافز استثمارية للمستثمرين لافتًا إلى أن دخول شركات جديدة من القطاع الخاص للسوق سيساهم في زيادة معدلات التشغيل والتصدير.
وأطلقت وزارة التخطيط السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الداعمة للنمو والتشغيل"، في احتفالية شهدها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي وعدد من الوزراء وممثلي القطاع الخاص والشركاء الدوليين.
ووفقًا لبيانات الحكومة، فإن "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية" تؤكد على إعادة تعريف دور الدولة في النشاط الاقتصادي وتمكين القطاع الخاص كمحرك رئيسي للنمو وخلق فرص العمل.
تمكين القطاع الخاص يمثل ركيزة محورية في السردية الوطنية
من جانبها قالت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي إن تمكين القطاع الخاص يمثل ركيزة محورية في السردية الوطنية، مشيرة إلى أن الدولة تعمل على تقليل المزاحمة بين القطاعين العام والخاص من خلال وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تحدد القطاعات التي ستتخارج منها الحكومة وتفتح المجال أمام القطاع الخاص للتوسع والاستثمار.
وأضافت في تصريحات لها أن برامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني تعد أداة رئيسية في دفع التحول الأخضر وتنفيذ المشروعات الكبرى، مؤكدة أن الحكومة تعتبر القطاع الخاص شريكًا أساسيًا في عملية التنمية، وتسعى في الوقت ذاته لتحقيق وحدة الموازنة العامة للدولة بضم الهيئات الاقتصادية وإعادة هيكلتها.
وعن العلاقة مع صندوق النقد الدولي، أوضحت أن برامج الصندوق هي برامج وطنية بالأساس، مشيرة إلى أن التعاون معه يعزز الثقة في الاقتصاد المصري ويخفض تكلفة التمويل الخارجي، لكنها شددت على أن السردية الوطنية وثيقة وطنية لا ترتبط بوجود الصندوق أو غيابه، بل تنبع من أولويات الدولة المصرية واحتياجاتها الفعلية.
وتعتزم الحكومة، استكمال برنامج الطروحات الحكومية خلال عام 2025، ببيع حصص في 10 شركات حكومية بمختلف القطاعات الاقتصادية سواء لمستثمرين استراتيجيين أو بالبورصة المصرية، وهي شركات: بنك الإسكندرية، وبنك القاهرة، ومحطة رياح جبل الزيت في مجال الطاقة المتجددة، وشركة الأمل الشريف للبلاستيك، ومصر للصناعات الدوائية، و"سييد" للصناعات الدوائية، و"وطنية"، و"صافي"، و"سايلو" للصناعات الغذائية، و"تشيل أوت".
ونفذت الحكومة، من برنامج الطروحات الحكومية 34 عملية طرح فعلي للتخارج الكلي والجزئي من الشركات المملوكة للدولة، خلال الفترة من مارس 2022 حتى ديسمبر 2024، واستعانت بمؤسسة التمويل الدولية، لتصبح المستشار الدولي لاستكمال تنفيذ البرنامج.
ويأتي برنامج الطروحات الحكومية، ضمن خطة الدولة نحو تشجيع القطاع الخاص، عبر إتاحة مجال أكبر للمشاركة في توليد النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل وزيادة مستويات الاستثمار والصادرات.